للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-عليه السّلام- جعفر حين قَدِمَ من أرض الحَبَشَةِ، فقال مالك: ذلك مخصوصٌ بجعفر، قال له: ما الدَّليلُ على خصوصه؟ قال: لأنّه لم يفعله النّبيّ -عليه السّلام- لغيره، فكان كالنَّسخ (١). واحتجّ سفيان بحديث البراء بن عازب: "مَا من مُسلِمَينِ يَلتَقِيَانِ ... " الحديث، فأجاز المصافحة بهذا الحديث (٢).

وأمّا الغلّ: فهو العداوة والحقد (٣).

الفائدةُ الثّانية (٤):

قوله (٥): "تَهَادُوا تَحَابُّوا" فقد رُوِيَ مُسنَدًا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "تَهَادُوا تَحَابُّوا" (٦) وفي رسول الله الأُسوةُ الحَسَنَةُ، كان يهادي أصحابه وغيرهم، ويقبلُ الهديَّةَ ويُثِيبُ عليها، وقال: "لَو أُهْدَيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لقَبِلتُهُ، وَلَوْ دُعِيتُ إلى ذِرَاعٍ لأَجَبتُ" (٧).

فالهديَّة بما وَصَفنَا سُنَّةٌ، إِلَّا أنّها غيرُ واجبةٍ؛ لأنّ العِلَّة فيها استجلاب المحبَّة بها، وإنّها من أسباب التَّوَادِّ لعلاقة الآمال بالمال، فترى النّفس أنّ كلَّ ما أعأنّها على


= وذكر ابن رشد في البيان والتحصيل: ١٨/ ٢٠٦ أنّ المشهور عن مالك إجازة المصافحة واستحبابها، فهو الّذي يدلُّ عليه مذهبه في الموطَّأ بإدخاله فيه حديث عطاء، ويقول ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢٦/ ١٥٤: "ولا يصح عن مالك إِلَّا كراهة الالتزام والمعانقة ... وأمّا المصافحة فلا".
(١) في الهامش الأيمن من نسخة: ف كتُبَ التّعليق التالي: "حكايته مالك مع ابن عيبنة ذكرها غير واحد في المعانقة لا في المصافحة، فانظر ذلك"، قلنا: وهو الّذي حكاه ابن أبي زيد في الجامع: ٢٢٥، والباجي في المنتقى: ٧/ ٢١٦.
(٢) انظر الفقرة السابقة في القبس: ٣/ ١٠٩٩.
(٣) هذا التَّعريف مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ١٥٤.
(٤) الفقرة الأولى من هذه الفائدةُ مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ١٥٤ - ١٥٥، وانظر أغلب الفائدةُ الثّانية في القبس: ٣/ ١١٠٠.
(٥) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في الموطَّأ (٢٦٤١) رواية يحيى.
(٦) أخرجه البخاريّ في الأدب المفرد (٥٩٤)، وأبو يعلى (٦١٤٨)، والبيهقي: ٦/ ١٦٩، والدولابي في الكنى: ١/ ١٥٠، وابن عبد البرّ في التمهيد: ٢/ ١٧، ١٨ بإسنادٍ حسن كما نصَّ على ذلك الزرقاني في شرح الموطَّأ: ٤/ ٢٦٥، وانظر نصب الراية: ٤/ ١٢٠.
(٧) أخرجه البخاريّ (٢٥٦٨) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>