(٢) نرى من المستحسن إيراد بعض الأوجه الّتي ذكرها في العارضة وهي: "وأمّا من قال: إنّه مباح في السَّفر، فلما رُوي في أنّ النّبيّ رخّص للزُّبير وعبد الرّحمن في السَّفر في غزاة لحكَّةٍ كانت بهما ... وأمّا من حرَّمه إِلَّا في العلم، فلما ثبت من استثنائه في حديث عمر وغيره، وقد قدَّر بأصبع إلى أربع، وليي ذلك بشك من الراوي وإنّما هو تفصيل للإباحة ... وأمّا وجه من قال: إنّه محرَّمٌ عمومًا على الرجال والنّساء، فلما روى مسلم أنّ عبد الله بن الزبير خطب فقال: "ألَّا لا تلبسوا نساءكم الحرير، فإني سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يقول: من لبس الحرير في الدُّنيا لم يلبسه في الآخرة". وهذا عموم في الرجال والإناث. وأمّا من قال: إنّه مباح بكل حال، فتعلّق بأن الحرير كان مباحًا حين لبسه النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وخطب به، ثمّ كان حرامًا حين ذكر تحريمه ونصَّ عليه، ثمّ كان مباحًا حين رخَّص فيه النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - لأجل الحكَّة والقمل، والمحرَّم من المطاعم والملابس لا يباح لمثل هذه الحاجة اليسيرة، ألَّا ترى أنَّه يجوز التّداوي بالبول للحاجة. قال ابن العربي: وهذا منزع من لم يتبصَّر القول". (٣) روى ابن وهب وابن القاسم عن مالك، قال: أكرهُ لباس الخزِّ؛ لأنَّ سُدَاهُ حريرٌ. عن الاستذكار: ٢٦/ ٢١٠، وانظر المعونة: ٣/ ١٧١٩. (٤) وفي سماع ابن القاسم من العتبية: ١٧/ ٥، وفي التمهيد: ١٤/ ٢٦٠ مُسْنَدًا قال مالك: "رأيت ربيعة يلبس القلنسوة وبطانتها وظهارتها خز، وكان إمامًا" علَّق عليه الباجي في المنتقى: ٧/ ١٢٢ بقوله: "يريد -والله أعلم- أنّها كانت من الخزِّ المحض، أو سداه قطن أو كتان، أو أنّ ربيعة كان ممّن يراه مباحًا، وأنّه كان إمامًا يقتدى به". (٥) من هنا إلى آخر الباب مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ١٧٨ - ١٧٩.