للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل له ذلك: لعظم قَدرِهِ وتفاقُمِ خَطْبِهِ، ومنه رُفْقَةٌ دَجَّالَةٌ إذا كانت كبيرة، ومنه دِجلَة من كِبَرِها في الأنّهار.

وقال أبو حاتم في "كتاب الزِّينة" (١): الدَّجَّالُ مأخوذ من الدَّجل، والدجل والدجن جميعًا وهو التباس الغيم وظلمته، فكأن الدّجالُ فعال من الدّجل وهو الظّلام والتباس الغيم، فكأنّه يلبس على النَّاس ويظلم عليهم أمر دينهم حتّى لا يعرفون رُشْدَهُم، فيدّعي الرّبوبيّة.

تنبيه على وهم وتعليم على جهل (٢):

رواه بعضهم: المسيخ بالخاء المعجمة، على معنى فعيل، بمعنى مفعول، من المسخ (٣)، وهو تغيّر الخِلْقَة المعتادة، وكأنّه بجهله كره أنّ يشترك مع عيسى بن مريم في الاسم والصِّفَة، وليس يلزم من الاشتراك في الحالات الاشتراك في الدّرجات، وقد بينّاه قبل، بل أغربَ من ذلك أنَّه لا يضر الاشتراك في المحاسن.

وقد جاء آخر بجهالة أعظم من الأوّل فقال: إنّه مِسِّيخٌ بتشديد السِّين والخاء المعجمة (٤)، فجاء لا فِقْهَ وَلَا لُغَةَ، كما قيل في المثل: لا عقل ولا قرآن؛ لأنّ فِعِّيلًا من أبنية الفاعلين، ومسيح من معاني المفعولين وهما ضدّان والله أعلم.

وقال أبو القاسم الجوهري (٥): "سُمِّيَ ابن مريم مسيحًا؛ لأنّه مُسِحَ بالبركة حين وُلِدَ، وسُمِّيَ الدَّجالُ مسيحًا بالتَّخفيف من سياحته؛ لأنّه ممسوح العين اليمنى" وهذا هو الصّحيح.


(١) لوحة: ٤٧٤ مخطوطة دار صدام.
(٢) انظر النّصف الأوّل من هذا التنبيه في القبس: ٣/ ١١٠٦ - ١١٠٧، والقسم الثّاني -من بداية قول الجوهري- اقتبسه المؤلِّف من المنتقى: ٧/ ٢٣١.
(٣) وهو قول أبي الهيثم الرّازي، نقله عنه الهروي في الغريبين: ٥/ ٢٧٢، وانظر: إكمال المعلم: ١/ ٥٢٠.
(٤) أشار عياض في إكمال المعلم: ١/ ٥٢٠ إلى هذا الرّأي.
(٥) في مسنَد الموطَّأ: ٥٣٥ بألفاظ متقاربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>