للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: اتّخذه خليلًا لأنّه كان يُسمَعُ وَجِيبُ (١) قلبِه من مِيلَيْنِ.

وقيل: اتّخذه خليلًا لأنّه جاءه ضيف كافر، فوسَّدَه فخذَه ولقمه بيده، فأوحى الله إليه: يا إبراهيم، تطعم عَدُوِّي وعدوّك، فقال: يا ربِّ، تعلّمتُ منك؛ لأنك خَلَقتَهُ ورزَقتَه وكَفَيتَهُ، فتخلّقتُ بخُلُقٍ من أخلاقك، فأوحى الله إليه: إنِّي قد اتّخذتُك خليلًا لذلك.

وقيل: اتّخذه خليلًا حين سَمع جبريل - صلّى الله عليه وسلم - يقول: سُبُّوح، قدّوس، ربُّ الملائكة والرُّوح، ولم يَدرِ أنَّه جبريل، فقال له: اذكر خليلي مرّة أخرة ولك ما أملك، فذَكَرَهُ، فأعطاه ملكه، فقال جبريل: يا خليلَ الرّحمن، أنا جبريل جئت لأختبرك، فوجدتُك خير مجرّب، ووجدتك تستحقّ خِلَّتَهُ.

وقيل: جاءته الملائكةُ، فقرَّبَ إليهم طعامًا، فلم يأكلوا منه، وقالوا: إنَّا معشر الأنبياء لا نأكل إلّا بالثّمن، قال: ومعكم ثمنه فكلوه، فقالوا: وما ثمنه؟ قال: التّسميةُ عند ابتدائه، والحمدُ عند فراغه، فقالوا: سبحان الله، يستحقّ أنّ يُتَّخَذَ خليلًا.

وقيل: اتّخذه خليلًا: لقوله: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} (٢).

فقال الله: يا إبراهيم لا جَرَمَ أنّي اتّخذتُك خليلًا.

فهذه إحدى عشرةَ قولةً في قوله: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (٣) وقد أَشْفَيْنَا القول فيه في "الكتاب الكبير".

نكتةٌ بديعة:

فإن قيل: ما وجه الحكمة في قوله: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} (٤).

الجواب عنه من أوجه:

الأوّل: قيل لأنّ العرب ادَّعت بأنّا على دِينِ إبراهيم، فقال: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} (٥)؛ لأنّه كان مسلمًا، وقد علَّق الله هذه الآية بالأَبَوِيَّةِ على سبعة:

على آدم بالولادة.


(١) أي خفقان.
(٢) الشعراء: ٧٧.
(٣) النِّساء: ١٢٥.
(٤) الحجِّ: ٧٨.
(٥) الحجِّ: ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>