للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - نَهَى عن الشُّربِ في آنِيَةِ الفضَّةِ والذَّهبِ ولُبسِ الحرير والدِّيباجِ، وقال: "هِيَ لَهُم في الدُّنيَا وَلَكُم في الآخِرَةِ".

وفي "صحيح مسلم" (١) عن حذيفة قال: "لا تَشرَبُوا في آنيةِ الذَّهَبِ والفضَّةِ ولا تأكلُوا في صحَافِهَا، فإنّها لهم في الدُّنيا ولكم في الآخرة".

وأصلُ هذا الباب حديث مالك عن أمّ سَلَمة الّذي تقدَّم، وهو أصحُّها وأحسنُها مَسَاقًا.

العربيّة:

قال علماؤنا: المقصود به صوتُ جرع الشّارب إذا شرب (٢)، وهي كلمةٌ مستعارةٌ مأخذوةٌ من جرجرة الفحل من الإبل، وهي هديرُهُ وصوتٌ يُسمَعُ من حَلقِهِ يردِّدُه، فقال امرؤ القيس (٣):

إِذَا سَاقَهُ العود النَّبَاطِيُّ جَرجَرا

أي: رغا (٤) لبُعدِ الطَّريق وصعوبته.

وقال الرّاجزُ يصف فحلًا (٥):

وإذا جَرجَرَ عند الهَبِّ

جَرجَر في حَنجَرَةٍ كالجُبِّ

وَهَامَةٍ كالمرجَلِ المُنكَبِّ"

قال الإمام: قولُه (٦): "جرجر" يريد حقيقة الصوت، فهو يُروى برفع نار ونصبها (٧).


(١) الحديث (٢٠٦٧).
(٢) يقول عبد الملك بن حبيب في شرحه لغريب الموطَّأ: الورقة ١٤٦ - ١٤٧ "يعني بالجرجرة صوتُ وقوع الماء في الجوف، ومنه قيل للبعير إذا صاح: هو يجرجر".
(٣) في ديوانه: ٦٦، وصدر البيت: ... على لاحبٍ لا يهتدي لمنارة
(٤) أي صوَّتَ وضجَّ.
(٥) الرجز أورده القاسم بن سلام في غريب الحديث: ١/ ٢٥٣ ونسبه إلى الأغلب العجلي، وذكر أنّه ينسب أيضًا إلى دكين، كما ذكره ابن منظور في لسان العرب (جرر) ونسبه إلى الأغلب العجلي.
(٦) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - كما في الموطَّأ (٢٦٧٦) والذي في الموطَّأ: "يُجَرجرُ".
(٧) انظر هذا القول في العارضة: ٨/ ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>