للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثّالثة (١):

قوله: "فَشَرِبَ، ثمَّ أَعْطَى الأعرابىَّ، وقال: الَأيْمَنَ فالأَيْمَنَ" وهذا يقتضي أنّ التَّيَامُنَ مشروعٌ في مُنَاوَلَةِ الشّراب والطّعام وما جَرَى مجراهُما. وقال الشّيخ أبو القاسم (٢): "من أُوتيَ بشرابٍ ومعه غيره فليعطه إنَّ شرب الأيمن فالأيمن"؛ لأنّه مشروع، ولأن النّبي كان يحبّ التّيامن في شأنّه كلّه.

الرّابعة (٣):

قوله في حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ (٤) أَنه "كَانَ عَنْ يَمينِهِ غُلَامٌ" يعني عبد الله بن عبّاس "وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ" قيل: إنّه كان عن يساره خالد بن الوليد، وقد رُوِيَ عن عمر بن حرملة مُفَسَّرًا. فقال: "أَتَأذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ الأَشْيَاخَ" (٥) وهذا يقتضي أنّه من حقوق ابن عبّاس، ولو لم يكن من حقوقه أنّ يعطيه إيّاه ما استاذنه فيه، وهذا أيضًا يقتضي أنّ حكم التَّيَامُن في المناولة آكد من حُكْم السِّنِّ؛ لأنّ عبد الله بن عبّاس لم يبلغ حينئذٍ الحلم، واستحقَّ ذلك بالتَّيَامُنِ دون الأشياخ. وما رُوِيَ في حديث سهل بن سعد أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "كَبِّرْ كَبِّرْ" (٦) فإنّما ذلك مع تساوي الأصول، والله أعلمُ.

وفي "العُتْبِيَّة" (٧) عن أشهب، قال: يُستحَبُّ (٨) في مكارم الأخلاق أنّ يبتدأ بالأيمن


= وهو متفق عيه، أخرجه البخاريّ (٦٢٦٩)، ومسلم (٢١٧٧).
(١) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: ٧/ ٢٣٨، ما عدا السّطر الأخير فهو من زيادة المؤلِّف على نصّ الباجي.
(٢) في التفريع: ٢/ ٣٥٠.
(٣) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: ٧/ ٢٣٨.
(٤) في الموطَّأ (٢٦٨٣) رواية يحيى.
(٥) هذه رواية البخاريّ (٢٣٦٦).
(٦) أخرجه البخاريّ (٣١٧٣)، ومسلم (١٦٦٩) من حديث سهل بن أبي حَثْمَةَ.
(٧) ١٨/ ٥٥٤ في سماع يحيى من كتاب الأقضية.
(٨) قال ابن رشد في البيان والتحصيل: ١٨/ ٥٥٤ "استحبّ مالك - رحمه الله - ولم يوجبه في محض الدِّين والفقه والعلّم، إذ قد يكون في غير اليمين من يكون أحق أنّ يبدأ به، لعلّمه وخيره وسنّه".

<<  <  ج: ص:  >  >>