للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستريح به.

الثّانية (١):

قوله (٢): "وَأَجِيفُوا الأبواب، فإنَّ الشّيطانَ لا يّفْتَح غَلَقًا ولا يَحُلُّ وِكَاءً، ولا يَكْشِفُ إِنَاءً" يمنعُه من ذلك ذكر الله عليه، وهذا من القدْرة الّتي لا يُؤمِنُ بها إلّا الْمُوحّدَة، وهو أنّ يكون الشّيطان يتصرّف في الأمور الغريبة، ويتولَّجُ في المَسَامِّ الخفيفة، فيعجزه الذّكر عن حلِّ الغَلَق والوِكَاءِ، وعن التَّوَلُّج من صِيرِ (٣) الباب (٤)؛ لأنّا قد قيّدنا في الحديث الصّحيح (٥) عن جابر وغيره؛ أنّ النّبيَّ -عليه السّلام- قال: "أَغْلِقُوا الأبْوابَ واذْكُرُوا اسْمَ الله" وكذلك في كلِّ خَصلةٍ تقدّمت قرن بها اسم الله، فبيّن أنّ اسْمَ الله هو النّورُ العريضُ، والحجابُ الغَليظُ، بين الشَّيْطانِ والإنسانِ.

الثّالثة (٦):

قولُه: "أَغْلِقُوا الْبَابَ" يعني كما قَدّمنا الذِّكر به، وفي الحديث الصّحيح (٧): "إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيلِ" وقد ظنّ بعضُهُم أنّ الأمرَ بغلق الأبواب عامٌّ في الأوقات كلّها، وليس كذلك؛ وإنّما هو مقيَّدٌ باللّيل (٨)، كما جاء في الحديث، وأمّا النَّهار فإنّما هو بحُكْمِ كثرةِ التّصرُّفِ وقلِّتِةِ.


(١) انظرها في العارضة: ٨/ ٣.
(٢) قوله: "وأجيفوا الأبواب" هو رواية البخاريّ (٦٢٩٥) والباقي هو من رواية الموطَّأ (٢٦٨٦).
(٣) الصِّيرُ: شقُّ الباب.
(٤) هنا ينتهي التطابق الموجود بين المسالك والعارضة.
(٥) الّذي رواه البخاريّ (٣٣٠٤، ٥٦٢٣)، ومسلم (٢٠١٢).
(٦) انظرها في العارضة: ٨/ ٣.
(٧) الّذي رواه البخاريّ (٣٢٨٠)، ومسلم (٢٠١٢).
(٨) العبارة السابقة نقلها ابن حجر في فح الباري: ٦/ ٣٥٦ - ٣٥٧ عن ابن العربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>