للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُه: "خَمِّرُوا الإِنَاءَ" يعني: استروا (١)، ومنه الخَمَر على وزن القرم، وهو الشّجر الملتف الّذي يستر ما وراءه.

وقوله (٢): "وأَجِيفُوا البابَ" معناه (٣): أغْلِقُوا، وقيل: ردّوه كما كان مغلقًا، فإنّه يفتح بالنّهار للتّصرُّف، وهما متقاربان.

وقوله (٤):"وَلَوْ أَنْ تعْرُضَ عَلَيْهِ عُودًا" يعني: ينْصِبَهُ عليه نَصْبًا، يجعلُه على عرْضِهِ إنَّ كان مُستَدِيرَ الفَم، فهو كلّه عرض، وإن كان مربّعًا فقد يكون فيه عرضٌ وطولٌ، فذكر العرض لأنّه أَعمّ، وإن كان الإناءُ فارِغًا فليكفأه، يعني يضعه على فِيهِ، يقال: أكفاتُ الإناءَ إذا قَلَبْتَهُ على فِيهِ.

وقوله: "وأَطْفِئُوا المِصْبَاحَ" يعني: أذْهِبُوا نورَهُ، ولا يكون مصباحًا إلّا بالنّور، وإنّما هو دونه فتيلٌ.

الأصول والأحكام في مسائل:

الأولى (٥):

قوله في الحديث (٦):"كُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ" استعانةً بالظُّلَمَةِ فإنّها تكرهُ النّور وتتشاءم به، وإن كانت خُلِقَتْ من نارٍ وهي ضياءٌ، ولكنّ الله أظْلَمَ قلوبها، وخَلَق الآدميَّ من طينٍ ونَوَّرَ قَلبه، فهو يحبُّ النُّور، وكلُّ جنسٍ يميلُ إلى جنسه


(١) قال ابن حبيب في تفسير غريب الموطَّأ: الورقة ١٤٧ [٢/ ١٢٥ - ١٢٦] "التّخميرُ: التغطيةُ، ولذلك سُمِّيَ خِمَارُ المرأةِ خمارًا؛ لأنّه يغطّي وُيواري، وإنّما اشتُقَّ خِمَارُ المرأةِ وتخميرُ الإناءِ من الخَمُرِ، والخَمُرُ كلّ ما وَارَى من حَجَرٍ أو شَجَرٍ أو غيره".
(٢) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في الحديث الّذي رواه البخاريّ (٦٢٩٥) بلفظ: "الأبواب".
(٣) انظر الكلام التالي في العارضة: ٨/ ٢ - ٣، وراجع شرح ابن حبيب: الورقة ١٤٨.
(٤) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في الحديث الّذي رواه البخاريّ (٥٦٠٥).
(٥) انظر هذه المسألة في العارضة: ٨/ ٢ - ٣.
(٦) الّذي رواه البخاريّ (٣٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>