للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنّه حُجَّة كما بينّاه في "أصول الفقه"، وهو حقيقة قوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (١) يعني: في قوله وفعله.

المسألة الثّالثة:

قال علماؤنا: التَّختُّمُ في الشّمال، ولا ينبغي في اليمين على حالٍ، والمُتَخَتِّمُ في اليمين رافضىٌّ مُبْغِضٌ لأبي بكر وعمر. وقد كانت قريش تختم في اليمين. واستقرَّ الحالُ على التَختُّم في الشّمال، والحكمةُ في التّخَتُّم في الشّمال إنّما هو لقلِّةِ التّصرُّف؛ لأنّ التّصرُّف إنّما هو باليمين، فإذا تختَّمَ في اليمين فكأنّه إظهارٌ للخاتَم في جميع الأحيان، وهذا فيه شيءٌ من التَّرَفُّهِ، وقد كان رسولُ الله يحبُّ التْيامُنَ في جميع أمَوره إلّا في الخاتم.

وعلى التَّختُّمِ في الشّمال أجمع أهل السُّنَّةِ (٢)، وهو مذهبُ مالكٍ. ولو تَخَتَّمَ أحدٌ اليومَ في يمينه لَأُدِّبَ على ذلك؛ إلّا أنّ يجعلَه تذكرةً لحاجة يتذكّرها، كما يربط الإنسانُ خيطًا في أصبعه (٣).

المسألة الرّابعة:

ولا يكون الخاتَمُ إلّا من فضّةٍ، فإن كان فيه فَصٌّ من ذهبٍ، فإنّه لا يجوزُ، وإن كان فيه مقدار الحبّة من الذّهب لئلَّا تَصْدَأ، فقد كَرِهَ ذلك مالك في "العُتبيّة" (٤).

ولا بأس أنّ ينقش في خاتَمِه اسم الله.

فإذا كان في شماله، هل له أنّ يستنجي به أم لا (٥)؟ فقد تقدّم الخلاف في ذلك في كتاب الطّهارة، والصّحيح عندي أنّه لا يجوز الاستنجاء به.

المسألة الخامسة:

اختلف النَّاس في اتِّخاذِ الخاتَم لغير ذي سلطان، فأجازَهُ مالك، ولذلك أدخل


(١) الأحزاب: ٢١.
(٢) حكى هذا الإجماع الباجي في المنتقى: ٧/ ٢٥٤.
(٣) وهو الّذي قاله مالك في العتبية: ١/ ٣١٣ عندما سئل عن الرَّجل يجعل الخاتم في يمينه، أو يجعل فيه الخيط لحاجة يريدها، قال: لا أرى بذلك بأسًا.
(٤) ٦/ ٤٤٧ من سماع ابن القاسم.
(٥) يفهم من كلام الإمام مالك في العتية: ١/ ٧١ أنّ ذلك مكروه، وأن نزعه أحسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>