للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أرضَى أنّ أحْكِيَهُ (١)، وكلُّ كلامه جهلٌ، وقد قال علماؤنا: إنَّ قوله: "أَبْرِدُوهَا بالْمَاءِ" أنّ ذلك يحتَمِلُ وجهينِ:

١ - أحدُهما: أنّ يكونَ ذلك بِشُربِ الماءِ الباردِ؛ فإنّه قد يُطفئُ بعضَ الحرارةِ الباعثة للدّاء، فيكونُ من أحدِ الأدويةِ. وقد شاهدتُ ذلك في نفسي، فإنّه كان عندي عليلٌ، وكان يستدعي الماءَ كثيرًا، فخِفْتُ عليه ومنعتُهُ من الماء، وتوقَّعْتُ أنّ يقدمه نفخٌ عظيمٌ، فمنعتُه لأجل ذلك. فقلتُ ذلك لبعضِ أهل الصِّناعةِ وحدَّثْتُه بِمَرَضِه وصِفَةِ حالِه، فقال لي: قَتَلْتَهُ، اسْقِهِ الماء يَبْرأ، فكان ذلك.

٢ - ويحتَمِلُ أنّ يكونَ قوله: "أبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ" أنّ يكون في جميع أطرافِ البدَنِ، واللهُ أعلم.

وأمّا اعتراضهم في (٢) قوله: "عَلَيْكُمْ بِهَذَا العُودِ الهِنْديِّ" الحديث (٣)، قال الزّهريُّ: بيَّن اثنين ولم يبيِّنَ الخمسة (٤). وقد رأيتُ الأطبّاء تطابقوا في كتبهم على أنّه يُدِرُّ البول والطّمْثَ، وينفعُ من السُّمومِ، وُيحرِّكُ شهوةَ الجماعِ، ويقتُلُ الدُّودَ وحبَّ القرعِ في الأمعاءِ إذا شُربَ بعَسَلٍ، ويذهبُ بالكَلَفِ (٥) إذا طُلِيَ عليه، وينفعُ من ضَعْفِ الكبِدِ والمعدّة.

وقال جالينوس (٦): إنّه ينفعُ منَ البرد الكائن بالدّور.


= باطن بدنه، فأصابته علة صعبة كاد يهلك فيها، فلما خرج من علّتة قال قولا فاحشّا لا يَحْسُنُ ذِ كْرُهُ، وذلك لجهله بمعنى الحديث وذهابه عنه وتبريد الحُمِّيات الصفراوية بسَقْي الماء الصادق البرد، ووضع أطراف المحموم فيه من أنفع العلّاج وأسرعه إلى إطفاء نارها، وكسر لهيبها. وإنّما أمر بإطفاء الحُمَّى وتبريدها بالماء على هذا الوجه دون الانغماس في الماء وغطّ الرّأس فيه".
(١) يقول المؤلِّف في العارضة: ٨/ ٢٣١ "فقال ما لا ينبغي، وهذا جهل في التّأويل، وجهل بالدّليل".
(٢) من هنا يبدأ النقل من كتاب المعلم: ٣/ ١٠٠ - ١٠١.
(٣) أخرجه البخاريّ (٥٦٩٢)، ومسلم (٢٢١٤) عن أمِّ قَيْسٍ بنت مِحْصِنٍ.
(٤) يقول - صلّى الله عليه وسلم -: "فإنَّ فيه سبعةَ أشْفِيَةٍ: يُسْتَعَطُ به من العُذرَةِ، ويُلَدُّ به من ذَاتِ الجَنْبِ".
(٥) هو البَهَقُ.
(٦) انظر قول جالينوس في إكمال المعلم: ٧/ ١١٨ نقلا عن المازري.

<<  <  ج: ص:  >  >>