للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إنّه مجهول لا يُعْرَفُ إلّا في هذا الحديث (١). وما أظنّه (٢) إلّا معروف محفوظ من حديث أبي هريرة، وقد رَوَى حديثه هذا بِشْرُ بن عمر، عن مالك، فقال فيه: عن ابنِ عطيَّةَ أو أبي عطيّة - يشكّ بِشْر- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "لا طِيَرَةَ ولا هَامَ، ولا يعْدِي سَقِيمٌ صحيحًا، وَلْيَحِلَّ المصحُّ حيثُ شاءَ" (٣).

وهذا حديث قد اضطرب النَّاس فيه، والحديثُ صحيحٌ (٤).

الأصول والمعاني في ثمانية مسائل:

المسألةُ الأولى (٥):

قوله: "لا عَدْوَى" هي عبارة عن اعتقاد المرء أنّ مكروهًا جَلَبَ إليه مكروهًا، وأصلهم في ذلك السّانح والبارحُ، فعبّروا بكلِّ مكروهٍ يَجلِبُ في اعتقادهم مكروهًا عنه، فقال النّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم -: "لَا عَدْوَى" نفيًا أنّ تكون الأدواء تَجلِب الأدواء، وإعلامًا منه أنّ ما اعتُقِدَ من ذلك من اعتقادهم كان باطلًا.

المسألة الثّانية (٦):

قوله: "ولا هَامَةَ" فأرادَ به الرَّدَّ على العرب فيما كانت تعْتَقِدُهُ من أنّ الرّجُلَ إذا قُتِلَ خرج من رأسه طائر يَزْقُو، فلا يَسْكُتُ حتَّى يُقْتَلَ قاتِلُه.

وقال بعضهم: إنَّ عِظَامَ القتيلِ تصيرُ هامةً، فتطيرُ (٧)، وكانوا يسمّون ذلك الطائر الصّدى. وقال لَبِيدٌ (٨) يرثي أخاه:


(١) نقله ابن حجر في تعجيل المنفعة (١٣٤٥) عن ابن عبد البرّ.
(٢) أي: وما يظنّ الحديث.
(٣) أخرجه ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢٧/ ٥٣، والتمهيد: ٢٤/ ١٨٩ - ١٩٠، والبيهقي: ٧/ ٢١٧.
(٤) أخرجه البخاريّ (٥٧٠٧)، ومسلم (٢٢٢٠) من حديث أبي هريرة.
(٥) انظرها في القبس: ٣/ ١١٣٣.
(٦) ما عدا العبارة الأولى المذكورة في القبس: ٣/ ١١٣٣ فالباقي مقتبس من الاستذكار: ٢٧/ ٥٥ - ٥٦.
(٧) قاله ابن حبيب في تفسير غريب الموطّأ: الورقة ١٥٦.
(٨) في ديوانه: ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>