للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام: وأمّا الفرار والعزلة في الفتنة فواجبٌ، وفيه النّجاة إنَّ شاء الله. وأمّا إذا كانت الدَّعة، ولم يكن زمان فتنة، فمخالطة النَّاس والجماعة وحضور الجمعة والجنائز وحِلَق العلم أفضل من العُزلة.

حديث عبد الله بن عمر (١)؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -قال:"لَا يَحتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ بِغَيرِ إِذنِهِ. أَيُحِبُّ أَحَدُكم أنّ تُؤتَى مَشرُبَتُهُ (٢)، فَتُكسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ؟ وإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُم ضُرُوعُ مواشِيهِم أَطعِمَاتِهِم، فَلَا يَحتَلبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَخِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ".

الإسناد:

قال الإمام: الحديث صحيحٌ متّفقٌ عليه (٣).

الفوائد والمعاني:

الأولي (٤):

قال علماؤنا: هذا الحديث يقضي بأنّ اللبن يُسمَّى طعاما، وكلُّ مطعومٍ في اللُّغة فهو طعامٌ، واللَّبنُ طعام يغني عن الطّعام والشَّراب، وليس شيءٌ سواه يغني في ذلك غناه.

وهذا الحديث يطابقُ قوله: "لَا يَحِلُّ مالُ امرِىء مُسلمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنهُ" (٥) إِلَّا أنّ العلماء اختلفوا فيما يأكلهُ الإنسانُ منَ الثِّمار المعلَّقة في الأشجار، للمسافرين وسائر المارِّين، من مال الصّديق وغيره. فاكثرُ العلماء على جواز أكل مال الصّديق إذا كان تافهًا لا يُتَشَاحُّ في مثله، وإن كان ذلك بغير إذنه، ما لم يكن تحت قُفلِهِ.


(١) في الموطّأ (٢٧٨٢) رواية يحيي، ورواه عن مالك: أبو مُصْعَب (٢٠٤٤)، وسُوَيْد (٧٤٠)، وابن القاسم (٢٥١)، والقعنبي، ومصعب بن عبد الله الزبيري عند الجوهري (٧٠٨).
(٢) قال ابن حبيب في تفسير غريب الموطَّأ: الورقة ١٥٩ "المَشرُبَةُ: الغرفة الّتي يخزنُ الرَّجل فيها طعامه ومعاش أهله"، وانظر مشكلات الموطَّأ المنسوب لابن السَّيِّد: ٨٨/ أ [١٧٨].
(٣) أخرجه البخاريّ (٢٤٣٥)، ومسلم (١٧٢٦).
(٤) هذه الفائدةُ مقتبسة من الاستذكار: ٢٧/ ٢٠٩ - ٢١١.
(٥) أخرجه أحمد: ٥/ ٧٢، والشيباني في الآحاد والمثاني (١٦٧١)، وأبو يعلى (١٥٧٠)، والدراقطني (٩٢)، والبيهقي (١١٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>