للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال لهم الحسن: الحجّاجُ عقوبةُ اللَّهِ في أرضه، وعقوبةُ اللهِ لا تُقابَلُ بالسّيف، إنّما تُقابَلُ بالصّبر على الظُّلم والجور، وهو خيرٌ من سَفْكِ الدِّماء ونهب الأموال، فيما لا يتحصل فيه الآن من هذين المعنيين حسن العاقبة والعافية. فاقتضى من قوله الصّبر على جورهم، كقوله للأنصار: "سَتَرَوْنَ بعدي أَثَرَةً، فاصبرُوا حتى تَلْقَوْنِي" (١) فلمّا خالفوا ذلك أوّل مرّة ابتلوا بيوم الحَرَّة.

الخامسة (٢): في بيعة العبد

قال العلماء: بيعةُ العبد لا تجوز؛ لأن العبد مملوكٌ، فلا تنعقد بيعته ويترك مولاه؛ لأن حقّ المولى مُقَدَّمٌ على حقّ العبد، ولا يصحُّ للعبد دين حتى يؤدّي حقّ الله وحقّ مولاه، كما جاء في الحديث (٣).

السادسة: في صفة بيعة الرِّجال

ثبت في الحديث أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يصافح الرِّجال في البيعة باليد، تأكيدًا لشدَّة العقدة بالقول والفعل، فمتى خالف أحدٌ ممن بايع إمامه وأعطاه يده، لزمته العقوبة الشّديدة بالقتل أو يعفو.

وقال آخرون (٤): ليس بشرطٍ في البيعة أن يعطيه يده ويصافحه؛ لأنّها عَقْد، فإِنّما ينعقد بالقول كسائر العقود. ولذلك صحّت مبايعةُ عبد الله بن عمر لعبد الملك بن مروان بالكتابة دون المصافحة.

السابعة: في صفة مبايعة النِّساء

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} (٥)


(١) أخرجه البخاري (٢٣٧٦) من حديث أنس.
(٢) انظرها في العارضة: ٧/ ٩٥.
(٣) انظر نحوه في البخاري (٢٥٤٩)، ومسلم (١٦٦٦) من حديث أبي هريرة.
(٤) هو الإمام الباجي في المنتقى: ٧/ ٣٠٨.
(٥) الممتحنة: ١٢، وانظر أحكام القرآن: ٤/ ١٧٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>