للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العُرْفِ في مِثْلِه، وإنّما قلنا بالرَّفيق ولم نَقُلْ بالمَمْلوكِ؛ ولأنّ بِلالًا كان حُرًّا يومئذٍ أعتقَهُ أبو بكرٍ بمكَّةَ، وكانت غزوةُ خيبر سنةَ ستٍّ من الهجرةِ.

وقال القاضي أبو الوليد الباجيّ (١) - رضي الله عنه -: "إنّ قولَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لبلال: "اكْلأ لَنَا الصُّبْحَ دليلٌ على صِحَّةِ خَبَرِ الواحِدِ؛ لأنّه - صلى الله عليه وسلم - رَجَعَ في وقتِ الصّلاةِ -وهو من أهمِّ أمورِ الشّريعةِ- إلى قولِ بلالٍ وَحْدَهُ.

وقولُه: "وَكَلأَ بلاَلٌ مَا قُدِّرَ لَهُ" إخبارٌ منه - صلى الله عليه وسلم - أنَّ فِعْلَ بلالٍ كان بِقَدَرٍ من اللهِ، وفي هذا ردٌّ على القَدَرِيَّةِ الذين يقولون: لا قَدَرَ، وينفونَ ذلكَ".

الفائدة الثّامنة:

قوله (٢): "فاسْتَيْقَظ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - والشَّمْسُ قد طلعَت" ههنا هو موضعُ الكلامِ على نَوْمِهِ - صلى الله عليه وسلم -.

فإن قال قائل (٣): وكيفَ نَامَ - صلى الله عليه وسلم - وقد قيَّدْنَا عنه أنّه قالَ: "إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولا يَنَامُ قَلْبِي" (٤) وقد نامَ هُوَ ههنا حتى طلعتِ الشَّمسُ؟

الجوابُ عنه - قلنا: إنّ من أهلِ العِلْم من تأوَّلَ ذلكَ من قوله: "إنَّ عَيْنَيَّ تنامان ولا ينامُ قلبي" على أنّ ذلك كان غالبًا من حَالِهِ (٥). ومن العلماءِ من تأوَّل قوله: "ولا ينَامُ قَلبِي"


(١) في المنتقى: ١/ ٢٧، وقد تصرف المؤلِّف في السطر الأخير.
(٢) أي قول سعيد بن المسيَّب في الموطأ (٢٥) رواية يحيى، ولم يلتزم المؤلِّف بلفظ الموطأ؛ لأنّ الثابت فيه هو: "فلم يستيقظ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولا بلال، ولا أحدٌ من الرَّكْبِ، حتّى ضرَبَتْهم الشّمسُ".
(٣) هذا التساؤل وجوابه مقتبس من الْمُعْلِم بفوائد مسلم للمازري: ١/ ٢٩٣ بتصرّف يسير.
(٤) أخرجه البخاري (١١٤٧)، ومسلم (٧٣٨) من حديث عائشة.
(٥) تتمة الكلام كما في المعلم: "وقد ينام نادرًا بدليل حديث الوادي"

<<  <  ج: ص:  >  >>