للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنَّه لا تستغرقه آفة النوم حتى يوجد منه الْحدَثُ ولا يشعر (١)؛ لما رُوِيَ عنه -عليه السّلام- أنّه كان مَحْرُوسًا (٢)، وأنّه كان يَنَامُ حتّى (٣) يُسّمَعُ غَطِيطُهُ (٤)، ثمّ يُصَلِّي ولا يَتَوَضَّأُ (٥).

الجوابُ الثاني - قال شيخُنا القاضي أبو الفضل في "الشِّفَا" (٦) له: "قد قيَّدنا فيه أنّ معنى قوله: "لاَ ينَامُ قَلْبِي" أنّ قلْبَه لا ينامُ من أَجْلِ أنّه يُوحَى إلَيْهِ في المَنَامِ، وليسَ في قصَّةِ الوَادِي إلَّا نَوْمُ عَيْنَيهِ عن رؤيةِ الشَّيءِ (٧).

فإن قيل: فلَوْلاَ عادَتُه من اسْتِغْرَاقِ النَّومِ، لَمَا قالَ لبلالٍ:، "اكْلَأْ لنَا الصُّبْحَ.

الجوابُ عن ذلك - قيل: إنَّه لمّا كان من شأنِهِ -علَيه السلام- التّغْلِيسُ بالصُّبح، ومُرَاعَاةُ أوَّلِ الفَجْرِ، إذ لا يَصِحُّ لمَنْ نَامَتْ عَيْنُهُ، إذ هُوَ ظاهرٌ لا يُدْرَكُ إلَّا بظاهرِ، فَوَكَّلَ لبِلاَلٍ مراعاة أَوَّلِه لِيُعْلِمَهُ بذلك".

قال الشّيخ أبو عمر (٨) - رضي الله عنه -: "والنّكتةُ في نَوْمِهِ - صلى الله عليه وسلم - مع قوله "إنَّ عَيْنَيَّ تنامانِ ولا ينامُ قَلْبِي" أنّ الأنبياءَ عليهم السّلام تنامُ أعينُهم ولا تنامُ قلوبُهم؛ ولأجل ذلك


(١) هنا ينتهي النقل من الْمُعْلِم، والعبارة التالية اقتبسها المؤلِّف من الشِّفا للقاضي عياض: ٢/ ٢٢٨.
(٢) عزاه السيوطي في مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا: ٢٣١ إلى حديث ابا عباس الّذي أخرجه سعيد بن منصور في سننه.
(٣) في الشفا: "حتى يَنْفُخَ" والحديث أخرجه أبو يعلى (٥٢٢٤) من حديث ابن مسعود، وذكره الهيثمي في المجمع: ٨/ ٢٦٦ وقال: رواه أبو يعلى ... ورجال أبي يعلى رجال الصّحيح، وأصل الحديث في البخاري (١٣٨) من حديث ابن عبّاس.
(٤) أخرجه البخاري (٢٨٨٥)، ومسلم (٢٤١٠) من حديث عائشة.
(٥) انظر تخريجنا للحديث ما قبل السابق.
(٦) ٢/ ٢٢٨.
(٧) تتمّة الكلام كما في الشفا: "وليس هذا من فعل القلب".
(٨) في الاستذكار: ١/ ٩٩ - ١٠٠ (ط. القاهرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>