للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت رؤياهُم وَحْيًا، وكذلك قال ابن عبّاسٍ: رُؤيَا الأنبياءِ وَحْيٌ، وتَلا قوله: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} الآية (١).

وقد رُوِيَ عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّا مَعْشَرَ الأنبياءِ تنامُ أَعْيُنُنَا ولا تنامُ قلوبُنا" (٢) ونومُه -عليه السّلام- في السَّفَر من باب قوله:، إِنِّي لأنْسَى أَوْ أُنَسَّى لأَسُنَّ" (٣) فخرقَ نومُه ذلك عادةً، ليسُنَّ لأُمَّتِهِ، ألا ترى أنّ قولَه في حديث العَلاَءِ بنِ خَبَّاب (٤): "لو شاءَ اللهُ لأَيْقَظَنَا" ولكنّه أرادَ أنّ تكونَ سُنَّةً لمن بعدَكُم" (٥).

وقد قال غير واحد من علمائنا (٦): إنّ نومَهُ كان يَنَامُ أحيانًا نَوْمًا يُشْبِهُ نومَ سائر الآدمِّيينَ، وقد يكونُ نومه في وَقْتٍ دونَ وقْتٍ، ونومُه ذلكَ إنّما كان منه غِبًّا، لمعنّى يريدُ اللهُ إِحْدَاثَهُ، ولِيَسنَّ لأُمَّتِهِ بعدَه ذلك (٧).


(١) الصافات: ١٠٢، والحديث أخرجه البخاري (١٣٨)، ومسلم (٧٦٣) من قول عُبَيْد بن عُمَيْر. أما قول ابن عباس، فأخرجه الطبراني في الكبير (١٢٣٠٢) بدون ذكر الآية، وقال عنه الهيثمي في "المجمع: ٧/ ١٧٦ "رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمَّد بن أبي مريم، وهو ضعيف، وبقية رجاله رجال الصّحيح".
(٢) أخرجه بهذا اللفظ ابن سعد في الطبقات: ١/ ١٧١ عن عطاء مُرْسَلًا، وصحَّحَهُ السيوطي في الجامع الصغير (٢٥٢٦).
(٣) أخرجه مالكٌ في الموطأ (٢٦٤) بلاغًا، رواية يحيى، ولنتكلم على الحديث في موضعه إنّ شاء الله تعالى.
(٤) يقول ابن عبد البرّ في الاستيعاب: ٨/ ١٠٨٧ "العلاء بن خباب ذكروه في الصحابة، وما أظن سمع من النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -" وانظر: التاريخ الكبير: ٦/ ٥٠٦ والجرح والتعديل: ٦/ ٣٥٤، وجامع التحصيل للعلائي: ٣٤٩.
(٥) ذكر ابن حجر في الإصابة: ٤/ ٥٤١ أنّ ابن مندة أخرجه من طريق أسباط بن نصر، عن سماك بن حرب، عن عبد الله بن العلاء بن خباب، عن أبيه، أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال ... الحديث. وأورده ابن عبد البرّ في التمهيد: ٦/ ٣٩٨، والقاضي عياض في الشفا:٢/ ٢٨٨، والسيوطي في شرح النسائي: ٣/ ٢٣٩، وشهد لهذا القول حديث ابن مسعود الّذي رواه النسائي في الكبرى (٨٨٥٤).
(٦) منهم ابن عبد البرّ في التمهيد: ٦/ ٣٩١ - ٣٩٢
(٧) في التمهيد: " ... لأمته سنّة تبقى بعده"

<<  <  ج: ص:  >  >>