للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيهٌ على مقصد (١):

قد بيّنّا أنّ مالكًا - رحمه الله - قَصَدَ في كتابِه هذا تبيينَ أصولِ الفقهِ وفروعِهِ، ومن جُمْلَتِها أنّه ذَكَرَ مسألتين بيَّنَ فيهِما أنَّ شرعَ من قَبْلَنَا شرعٌ لنا:

المسالةُ الأولى: احتجاجُه بالآية في قوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (٢). وهذا خطابٌ لموسى -عليه السّلام-، وأنّه أيضًا متَوجِّهٌ إلينا كتوجُّهِهِ لموسى -عليه السّلام- وأُمَّتِه.

المسألةُ الثانيةُ: ذَكَرَهَا في "كتابِ الدِّياتِ (٣) "، على ما نُبَيِّنُه إن شاء الله.

استدراكٌ وتبيينٌ (٤):

قوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (٢) وهنا نكتةٌ بديعةٌ: احتِجَاجُه بها؛ لأنّها مسألةٌ لُغَوِيّةٌ، وهي إضافةُ المصدَرِ إلى المفعولِ، المعنى: أَقِمِ الصَّلاةَ إذا أخْلَفْتُ لك الذِّكْر إليها. وغيرُ ذلك من التّأويلاتِ، يعضدُها (٣) الاشتقاق وتشهد بذلك سائر الأدلّة.


= نسيها فليصلها إذا ذكرها" وقال: "والمتعمد غير الناسي والنائم" قال: وقياسه عيلهما غير جائز عندنا، كما أنّ من قتل الصيد ناسيًا لا يجزئه عندنا. فخالفه في المسألة جمهور العلماء، وظن أنّه يستر في ذلك برواية جاءت عن بعض التابعين شذ فيها عن جماعة المسلمين، وهو محجوج بهم، مأمور باتباعهم، فخالف هذا الظاهر عن طريق النظر والاعتبار, وشذ عن جماعة علماء الأمصار؛ ولم يأت فيما ذهب إليه من ذلك بدليل يصح في العقول. ومن الدليل على أنّ الصلاة تصلّى وتقض بحد خروج وقتها كالصائم سواء، وإن كان إجماع الأمّة الذين أمِرَ من شذ منهم بالرجوع إليهم وترك الخروج عن سبيلهم يغني عن الدليل ... إلخ " اهـ.
(١) انظره في القبس: ١/ ١٠٣.
(٢) طه: ١٤، وانظر أحكام القرآن: ٣/ ١٢٥٧.
(٣) انظر الموطأ: ٢/ ٤٤٦ رواية يحيى.
(٤) انظر الفقرة الأولى من هذا الاستدراك في القبس: ١/ ١٠٣ - ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>