للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف العلماء في معنى ذلك: فيمن قرأ: "للذِّكْرَى" (١) و"لذكري"، فأمَّا مجاهد فقال: معنى لِذِكْري، ان تذكُرَني فيها، فأوصل ذكر ربِّهِ بذلك (٢). وقال النَّخعي (٣) والشّعبي وأبو العالية: معنى لذكري، هو أنّ يصلِّي الصَّلاة إذا ذكرها (٤)، كأنّه يقول: إذا ذكرتَها فذلك وقتها، هذا على تأويل الزّهريّ للآية.

تفريع (٥):

واختلفَ العلماءُ فيمن ذَكَرَ صلاةً وهو في صلاةٍ (٦)؟

فقال قومٌ: فسدت. عليه الّتي هو فيها حتّى يصلي الّتي ذَكَر (٧).

ومن علمائنا من قال: يصلِّيها لأنّه مأمورٌ يإقامة الصّلاة المذكورة في حين الذّكْرِ، فصار ذلك وقتًا لها، فإذا ذكَرَها وهو في صلاةٍ، فكأنّها مع صلاة الوقت صلاتان من يومٍ واحدٍ، اجتمعتا عليه في وقتٍ واحدٍ، فالواجبُ عليه أنّ يبدأ بالأوّل منها، فلذلك فسدت عليه الّتي كان فيها، كما لو صلّى العصرَ قبلَ الظّهر من ذلك اليوم.

قال الشّيخ أبو عمر - رضي الله عنه (٨) -: "وفسادُها من جهةٍ التّرتيبِ، وكذلك عندَ العلماءِ.

وأمّا مالكٌ وأصحابُه (٩) ومن قال بقولِهِم: لا تجبُ إلَّا مع الذّكْرِ وحصولِ الوقْتِ


(١) نصَّ الطبري في تفسيره: ١٦/ ١٤٨، على أنّ هذه القراءة هي للزُّهريّ، وذكر أنّها قراءة مستفيضة في قراءة الأمصار. وانظر صحيح مسلم (٦٨٠).
(٢) انظر معالم التنزيل للبغوي: ٥/ ٢٦٧.
(٣) رواه عنه الطبري في تفسيره: ١٦/ ١٤٨.
(٤) انظر هذه الأقوال في الاستذكار: ١/ ١١٨ (ط. القاهرة).
(٥) هذا التفريع مقتبس من الاستذكار: ١/ ١١٥ - ١١٦.
(٦) سواء في الفريضة أو النّافلة.
(٧) وهو الّذي نصره ابن الجلّاب في التفريع: ١/ ٢٥٤ - ٢٥٥
(٨) في الاستذكار: ١/ ١١٥ (ط. القاهرة).
(٩) انظر التفريع لابن الجلّاب: ١/ ٢٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>