للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشّيخُ أبو الحسن (١): إنَّه النَّفسُ الدّاخلُ والخارجُ.

وقال القاضي: هو الحياةُ، وهو عَرَضٌ.

وقال الطُّوسي أبو حامد (٢): هو من عَالَمِ الأمر ليس بمخلوقٍ.

ولكلِّ واحدٍ في مَنْزَعِهِ هذا وجهٌ يتعلَّق به، يطول الكلام بذِكْرِهِ, ويخرج الكتاب عن مقصده بالتَّعَرُّضِ لشرحه (٣).

والَّذي يليقُ بما نحن فيه؛ أنَّ من قال: إنّه النّفسِ، ورأى أنّ قِوَامَ الجسم بالتَّردُّد فيه من دخولي وخروح، فعبَّرَ عنه به.

والَّذي قال: إنَّه عَرَضٌ، بناه على أنَّ العَرَضَ هو الموجود بالجسم المتردِّد فيه الّذي بناه الجسم، فإنّ الله لا يخلُقُ شيئًا منه.

والذي قال: إنَّه جسمٌ مُشَابِكٌ، تعلَّق بظواهر الآثار" وما وُصِفَت به الرُّوح من الأفعال الّتي حقيقتها في الأجسام لا في الأعراض، فحفظَ للظواهرِ حقيقتها، وكلُّ ذلك عندي جائزٌ.

وأمّا الّذي ذهب إليه الطُّوسي أبو حامد، فهي عبارةٌ فلسفيّةٌ، وهي عن سبيل الشَّرْعِ قَصِيَّةٌ، وقد حام على الكلام عليها في أكثر كُتُبه فقال: إنَّه من عالَمِ الأمر، ولله عَالَمَانِ: عالَمُ الخَلْقِ وعالَمُ الأمر. وعالَمُ الأمر: هو ما لا كميَّةَ له، وعالَمُ الخَلْقِ: هو ما له كميّة ومقدار.

وهذا قولٌ غير مخلص؛ لأنّ الّذي لا كمية له شيئان:

أحدُهما: اللهُ سبحانه، ونَفْيُ الكميّة والمقدار عنه تقديس.


(١) هو الإمام الأشعري، وانظر رأيه في مجرّد مقالات الشّيخ أبي الحسن الأشعري لابن فورك: ٢٥٧.
(٢) في روضة الطّالبين: ٧٠.
(٣) للتوسع انظر العواصم من القواصم: ١/ ٢٤ - ٢٦، وقانون التأويل: ١٧٢، والأحكام: ٣/ ١٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>