للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القولُ الثّاني- قيل: إنّ الرُّوح مَلَك عظيمُ الْخْلْقَةِ، يعادلُ وحدَهُ جميعَ الملائكةِ في المقدارِ، ويساويهم يوم القيامة (١)، وهو المراد في أحد التأويلات بقوله: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ} الآية (٢)، المعنى: الرُّوحُ صفًا، والملائكةُ صفًا.

القول الثالث - قيل: إنّه روحُ الإنسانِ المختصّةِ بجَسَدِه.

والقولُ الرّابع - قيل: إنّهم سألوهُ عن كيفيةِ الرُّوحِ في الجَسَدِ ومجراه فيه، وعن حقيقته، وعن مكانه من الحياة في الجسد. وهذا أمر لا يعلمه إلَّا علّام الغيوب، فلم يأتهم بذلك ولا أجابهم عليه. وقد قال علماؤنا: إنّ هذا من أحد معجزاتِ الرَّسول صلّى الله عليه؛ لأنّه في التوراة أنَّه لا يُجيبُهُم عن الرُّوح، فإنْ أجابهم في ذلك بشيء فليس بنبيٍّ.

القولُ الخامس - قيل: إنّهم سألوه عن عيسى عليه السّلام؛ لأنّه قد سمَّاهُ اللهُ روحًا، وهو من أسمائه في "التّوراة" و "الإنجيل".

وهذا ما انتهى إلينا من الكلام فيه عن العلماء في كيفية منحى اليهود في سؤالهم ذلك.

حقيقة (٣):

قال الإمامُ الحافظُ القاضي أبو بكر بن العربي - رضي الله عنه -: قال علماؤنا في قوله عليه السّلام: "إِنَّ اللهَ قبضَ أرواحَنَا" هذا دليلٌ على أنّ الرُّوح يُقْبَضُ في الحياة ثم يعود.

وقوله عن بلال: "أَخَذَ بنفسي في الَّذِي أخذَ بنفسِكَ" دليلٌ على أنّ الرُّوح النَّفْس شيءٌ واحدٌ (٤).


(١) ويروى نحوه عن عليّ بن أبي طالب، انظر مفاتيح الغيب: ٢١/ ٣٩.
(٢) النبأ: ٣٨.
(٣) انظر الفقرات الأولى من هذه الحقيقة في القبس: ١/ ١٠٤.
(٤) قاله ابن عبد البرّ في الاستذكار: ١/ ١٥٩ (ط. القاهرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>