للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ} الآية (١)، فلم يُدْرِك حديثَ الشّمسِ، وزَخرَفَةَ الشّيطانِ، وصُدُوفَ الخَلقِ عن الحقِّ، ووجودَ الإلَهِ ومعرِفَتهُ بالخَفِيَّاتِ، واستواءَهُ على العرشِ العظيمِ إلَّا بالعِلمِ، وهذا هو التّوحيدُ كلُّه.

وقال الشّيخ أبو عمر بن عبد البرّ (٢): "قوله: "اشتَكَتِ النَّارُ إلَى رَبِّهَا" الحديث، إنّ ذلك على المَجَازِ، وقيلَ: على الحقيقةِ" (٣) وهذا القولُ يَعضُدُهُ عُمومُ الخِطَابِ.

الفائدة الثالثة (٤):

قولُه (٥): "فَأَذِنَ له بنَفَسَينِ في كلِّ عَامٍ" إشارةٌ إلى أنّها مُطبَقَةٌ مُحَاطٌ عليها بجِسمٍ يَكتَنِفُها من جميعِ نواحِيهَا، لم يُتَصَوَّر لاضطرابها أنّ يَشُقَّهُ، كما يفعَلُ كلُّ دَأبٍ في مُجَوَّف، حتّى النّباتُ في الصَّخرةِ المَلسَاءِ. وكانت الحكمةُ في التَّنفُّسِ عنها إعلامَ الخَلْقِ بأُنمُوذجٍ منها، فأشَدُّ ما يُوجَدُ من الحرِّ فَمِن حرِّها، وأشدُّ ما يوجَدُ من البَرْدِ فَمِن بَرْدِها.


(١) النّمل: ٢٤.
(٢) بنحوه في الاستذكار: ١/ ١٢٩ (ط. القاهرة).
(٣) وهو الّذي نصره الإمام ابن عبد البرّ في التمهيد: ٥/ ٦ بقوله: "وحمل كلام الله تعالى وكلام نبيه - صلّى الله عليه وسلم - على الحقيقة أولى بذوي الدِّين والحق؛ لأنّه يقصُّ الحقِّ، وقوله الحقّ، تبارك وتعالى علوا كبيرًا".
(٤) انظرها في القبس: ١/ ١١١.
(٥) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث الموطأ (٢٧) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>