للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثّاني - قال أبو الفرج: هما غير داخلتين في الفرض (١).

القول الثالث - قال عبد الوهاب: غسلهما أَحْوَطُ (٢)، وهو اختيار أشهب. فما طبق المفصل غير القاضي أبي محمد عبد الوهاب؛ فإنّه قال (٣): قوله: {إِلَى الْمَرَافِقِ} (٤) حدّ للمتروك من اليدين لا للمغسول منهما، ولذلك يدخل المرفق في الغسل، وعلى هذا عوَّلَ أشياخنا فقالوا: الصّحيح دخولهما لغةً وشرعًا (٥).

أمّا اللّغة، فقد قال المبرّد (٦): إذا كان الحدّ من جنس المحدود دخل فيه، كقولك: بِعتُك هذه الدار من هاهنا إلى هاهنا، وإذا كان من غير جنسه لم يدخل فيه، كقولك: بِعتُك هذا الفدّان من هذه الشّجرة إلى هذا الجدار، لم تدخل الشّجرة والجدار في البيع.

وأمّا الشرع، فقد رَوَى جابر بن عبد الله؛ أنّه رأى الماء على مرافقه (٧) في الوضوء (٨).


(١) حكى الباجيُّ في المنتقى:١/ ٣٦ هذا القول بصيغة أخرى فقال: "وقال أبو الفرج من أصحابنا أنّ المرفقين يجب إدخالهما في الطهارة، لا على أنّ الطهارة واجبة فيهما، ولكن على معنى أنّه يجب استيعاب الذراعين إليهما، ولا يتيقّن ذلك لهما إلَّا بغسل المرفقين".
(٢) لم نجد هذا النقل في كتب القاضي المطبوعة.
(٣) لعله قال هذا الكلام في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني.
(٤) المائدة: ٦.
(٥) يقول ابن القصّار في عيون الادلة: ٢٧/ ب "والدليل لقولنا؛ قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ...} وإنّ الله تعالى لما أراد منا استيفاء الغسل إلى هذا الحدّ، وعلم أنّه لا يُمْكِن تكلّف إخراج المرفقين عنه لمقاربته وأنّه لا فصل بينهما؛ أَوْجَبَ غسل المرفقين ... فتكلُّف إدخال بعض المرفق دون بعض يشقّ ولا يمكن". وانظر الرسالة: ٩٥، والإشراف: ١/ ٨، وعقد الجواهر الثمينة: ١/ ٣٩.
(٦) انظر قول المبرد فى عيون الأدلة: ٢٨/ أ.
(٧) أي مرافق النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -.
(٨) أخرجه الدّارقطني:١/ ٨٣، والبيهقي: ١/ ٥٦ من حديث القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جدَّه، عن جابر، بلفظ: "يدير الماء على المرفق" وانظر تلخيص الحبير: ١/ ٩٣ - ٩٤ (ط. قرطبة).

<<  <  ج: ص:  >  >>