للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام الحافظ: وهذا غير صحيح؛ لأنّ المستعملَ بعضُه ماءٌ وبعضُه مائعٌ، فكذلك الباقي، ولا يجوزُ أنّ يكونَ الباقي هو المائع.

قال الإمام: فإذا قلنا إنه طهورٌ، فانظر ما الفرق بينه وبين من حلف ألّا يأكل تمرة، فاختلطت بتمرٍ فأكل جميعه، فإنّه يَحْنَثُ بإجماعٍ، والفرقُ أنّ الحالف أكل التّمرة المحلوف عليها قطعًا لأنّها غير مستهلكة، وبخلافه المتوضِّئ بماءٍ قد استهلك فيه المائع، فصار كمن حلف ألَّا يأكل خَلًا فأكل مَرَقَةَ خَلٍّ قد استهلك في الطّبخ، لا حِنْثَ عليه. ومن حَلَفَ ألّا يأكل سَمْنًا فأكل سَوِيقًا مَلثُوثًا بالسَّمنِ أنّه يَحْنَث؛ لأنّ طعم السَّمْن حقيقة موجودة في السَّوِيقِ غير مستهلكة.

وقد ذهب الشّافعيّ (١) في التّمر لو بقيت منه واحدة، لم يحنَث على أصله في الْحِنْثِ بالشَّكِّ، إذ يجوزُ أنّ تكون التَّمرة الباقية هي المحلوف عليها.

ومالك يُحَنِّثُه بأكل واحدة، على أصله في الحِنْثِ بالشَّكِّ، إذ يجوز أنّ تكون التّمرة المأكولة هي المحلوف عليها.

المسألة الرّابعة عشر:

إذا تغيّر لون الماء الّذي في الآبار من الحبل الجديد، أو طعمها أو رائحتها، يكون في الدَّلالة غير طهور؛ لأنّه ممّا ينفكّ عنه في الغالب.

وعندي في المسألة وجهان:

أحدُهما: إنّ كان في آبار الصّحَارِي فهو طهور؛ لأنّه ممّا لا يوجد منه بدّ، ولا تنفكّ عنه الآبار في الغالب.

الثّاني: إذا تغيّر ريح الماء فقط دون اللّون والطعم، بقَطِرَانٍ كان في الدّلو وبخورِ الْمُصْطَكَا، فهو عندنا غير طَهور.

وقال عبد الملك (٢): هو طَهورٌ على أصله في ترك اعتبار الرّائحة. وقد نصَّ ابن


(١) في الأم: ٨/ ٤٧٣ في كتاب الإيمان والنذور.
(٢) لعله ابن الماجشون.

<<  <  ج: ص:  >  >>