القابسي (١): إذا توضّأ به أعاد صلاته في الوقت على مذهب ابنِ القاسم، كما أنّه إذا خالطه نجس لم يغيِّره. وهذا غير صحيح.
قال: فإن اختلط بالطَّهور مائع لا يخالفُ لون الماء ولا طعمه ولا ريحه كالْعَرَق وماء الشَّجر، فالظاهر أنّه طَهورٌ.
وقال بعض الشّافعية: اعتبره بغَيرِه ممّا يغيِّره، فإن خالطه قَدْرٌ ما، لو كان ممّا يغيّره لغَيَّره، فغير طهور.
وقال غيره: إنّما اعتبره بالغالب، فاحكُم له به:
قال الإمام: فهذا كانت المائعات مختلفة فبأيّها يعتبر.
فإن قيل بأعلاها صفة، عُورِضَ بأدناها.
وإن قال بأدناها، لَزِمَه أنّ يعتبر المخالطة بنفسه فإنّ لها صفة تنفرد بها عين الماء ولم تغيِّره، فيجب أنّ يكون طاهرًا. فإن قال: لا أعتبره فإنّه لا يعتبر بحالٍ.
قيل له: هذا مستحيل؛ لأنّه إذا كان أكثر من الماء تبِعَه الماءُ في صحَّتِه.
المسألة الثّالثة عشر:
وهي: إذا كان عنده من الطَّهور دون الكفاية، فَكَمَّلَه بمائع لم يغيَّره حتّى استهلكه فيه، فالظّاهر أنّه طَهُور، ويحتمل أنّ يكون غير طهور؛ لأنّه توضّأ بمائع بَيِّنٍ، والأحوطُ أنّ يتوضّأ به ثمّ يتيمّم.
وقال بعضُ علمائنا: إنّ توضَّأَ به وبقي من الماء بمقدار المائع الّذي حلّ فيه، أجزأه.
(١) هو أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري، المعروف بابن القابسي (ت ٤٠٣) كان عالمًا بالحديث وعِلَلِه ورجاله، فقيهًا أصوليًا متكلمًا، له كتاب مشهور بعنوان "الممهّد في الفقه وأحكام الديانة". انظر ترتبب المدارك: ٧/ ٩٢ - ١٠٠، وكتاب العمر: ١/ ٢٧٤.