للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي: من أوجب الوضوء منه، فبحديث ثَوْبَانَ؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قاء فأفطر، قال: وأنَا صببتُ له وَضُوءَهُ (١).

قال بعض المُحَدِّثين (٢): هذا حديث لا يثبت عند أهل العلم (٣)، ولا في معناه ما يُوجِب حُكمًا؛ لأنّه يحتمل أنّ يكون غسل فمه ومضمضه، وهذا أصل لفظ الوضوء.

حديث مالكٌ (٤)، عن نافع؛ أنّ ابنَ عمر حَنَّطَ ابْنًا لسعيدِ بنِ زيدٍ، وحَمَلَهُ ثمّ دخلَ المسجدَ، وصلّى ولم يتوضّأ.

تنبيةٌ على مقصدٍ (٥):

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي: إنّما أدخل مالكٌ هذا الحديث إنكارًا لما رُويَ عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "مَنْ غَسَّلَ ميِّتًا فَلْيَغتَسِل، ومن حَملَهُ فليتوضَّأْ" (٦) وهذا حديثٌ يرويه ابنُ أبي ذئبٍ (٧).

قال الإمام: معناه -والله أعلم- أنّه من حمل ميِّتًا فليكُن على وضوء، لئلّا تفوته الصّلاة عليه، وهو قد حَمَلَه وشيَّعَه، لا أنَّ حمله حدَثٌ يُوجِب الوضوء. هذا تأويلُه والله أعلم.


(١) أخرجه أحمد ٦/ ٤٤٣، والدارمي (١٧٣٥)، وأبو داود (٢٣٨١)، والترمذي (٨٧) وقال عنه أنّه أصحّ شيء في هذا الباب، والنسائي في الكبرى (٣١٢٠)، وابن خزيمة (١٩٥٦)، وابن حبان (١٠٩٧)، والطبراني في الأوسط (٣٧٠٢)، والدارقطني: ١/ ١٥٨، كلهم من حديث أبي الدرداء.
(٢) المراد هو الإمام ابن عبد البرّ في الاستذكار: ١/ ٢١٩ (ط. القاهرة).
(٣) انظر أحاديث الخلاف لابن الجوزي ١/ ١٨٨، وتلخيص الحبير: ٢/ ١٩٠، ونصب الرّاية: ١/ ٤٠.
(٤) في الموطَّأ (٥٢) رواية يحيى.
(٥) هذا التنبيه مقتبس من الاستذكار: ١/ ٢١٩ - ٩٢٠ (ط. القاهرة).
(٦) رواه أحمد: ٢/ ٤٥٤، والطيالسي (٢٣١٤) ومن طريقه البيهقي: ١/ ٣٠٣. وانظر تلخيص الحبير: ١/ ١٣٦.
(٧) تتمة الكلام كلما في الاستذكار: " ... عن صالح مولى التّوءمة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ عليه السّلام، وقد جاء من غير هذا الوجه أيضًا. وإعلامًا أنّ العمل عندهم بخلافه".

<<  <  ج: ص:  >  >>