للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كشف وإيضاح (١):

قال (٢): وهي واجبةٌ من طريق الأَوْلَى، فإنّ الله إذا أَوْجَبَ الوضوءَ في الأعضاء لزوال الدِّرَنِ الظّاهر، فَأَوْلَى وأَخرَى أنّ يُوجِبَ إزالةَ النّجاسة، وقد أمر النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - بغَسْلِ الدَّم بالماء، وفي الصّحيح: "اقْرُصِيهِ ثُمَّ اغسِلِيهِ" (٣)، ثمَّ أمر النّبيُّ عليه السّلام بالتَّنَرُّهِ من البَوْلِ، ثمّ قال: "إنَّ عامَّةَ عَذَابِ القبرِ منهُ" (٤). وقال في الصّحيح وقد سمع عذاب رجل يُعذَّب في قبره، فقال: "كانَ هذا لا يَسْتَتِر من البَوْلِ" (٥).

وكان مَنْ مضَى من الأُمَمِ قبلَنا إذا أصابَ ثَوْبَ أحدِهِم البَوْلُ قَرَضَهُ بالمقراضِ، وسمَحَ اللهُ لنا فأعطانا الطّهارة بالماء. لكن خفَّفَ اللهُ تعالى في الاستنجاء لإزالة النَّجْو بالجِمَارِ، ولا يضُرُّهُ أثَرُهُ مع عَدَمِ الماءِ اتِّفاقًا. فإن وُجِدَ الماءُ، فقال ابنُ حبيبٍ: لا يجوزُ الاستنجاءُ إلَّا بالماء (٦)، وهي زلَّةٌ، فإنّه إنّما شُرِعَ والماءُ موجودٌ، واستحبَّتِ الشريعةُ الجمعَ بين الاستجمارِ والماء، وَمَدَحَ به أهلَ قُباءٍ، فقال: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} الآية (٧)


(١) انظره في القبس: ١/ ١٤٩.
(٢) القائل هو القاضي ابن العربي.
(٣) أخرجه- مع اختلاف في الألفاظ- البخاريّ (٢٢٧)، ومسلم (٢٩١) من حديث أسماء.
(٤) أخرجه الدارقطني: ١/ ١٢٧ من حديث أبي هريرة، وقال: "الصواب مرسل". كما أخرجه من طريق أنس، وقال: "المحفوظ مرسل". وانظر تلخيص الحبير: ١/ ١٠٦.
(٥) أخرجه البخاريّ (٢١٦)، ومسلم (٢٩٢) من حديث ابن عبّاس.
(٦) عبارة ابن حبيب في الواضحة: ٢٢٦ "فلسنا نحبُّ الاستنجاء بالحجارة اليوم إلَّا لمن لم يجد الماء، فأمّا من وجد الماء فلا نحبّ ذلك له ولا نبيح الطّهر به".
(٧) التوبة: ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>