للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترك الصّلاة لا على جحودها. وأجمع العلماء أنّ جاحد فرض الصّلاة كافر حلال الدَّم، كسائر الكفّار بالله وملائكته.

٢ - التّأويل الثّاني (١): قوله: " لاَ حَظَّ في الإِسلامِ لمن تركَ الصَّلاةَ" أراد حَظًّا كاملًا وليس كحظ من لم يترك الصّلاة. ومن ذلك قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزَّاني حينَ يَزْنِي وهو مؤمنٌ" (٢) أراد مستكمل الإيمان" وليس إيمانُه كإيمان من لم يفعل فعله، ولا يجوز أن يخرج الإيمان منه كلّه، إذ لو خرج الإيمان منه كلّه لكان إنّ مات في نفس فعل الزِّنا أو نفس السَّرقة كافرًا، ولكن تأويله على ما ذكرنا، والله أعلم.

ومنه قوله: "مَنْ غَشَّ فَلَيسَ مِنَّا" (٣) أراد -عليه السّلام- أنّ من غَشَّ ليس على طريقتنا، وأنّ الغشَّ ليس مِنْ أعمال أهل الإيمان، ولا مِنْ أخلاق أهل الإسلام، ولا مِنْ طريقهم، إنّما هو من طريقة اليهود وغيرهم، وقال ابن عُيَيْنَة: ليس مثلنا (٤).

وأمّا اختلاف العلماء في تارك الصّلاة عمدًا وهو قادرٌ عليها مُقِرٌّ بها، فإنّه يُهَدَّد ويُضرَب، فإن لم يرجع وإلّا انتظر به أقرب الأوقات، فإن صلَّى وإلّا ضُرِبَت رقبته، يقتله مالك - رحمه الله - حَدًّا لا كُفرًا، والشّافعيّ يقتله قَتْلَ كُفْرٍ (٥).

وأمّا الجاحدُ لها ولفَرضِها، فإنّه كافرٌ حلال الدَّمِ، ولا يصلَّى عليه، وما له فيءٌ للمسلمين.

وأمّا الّذي هو مُقِرٌّ بفرضها؛ فإنه يُقتَل وُيورَث ويصلَّى عليه، بخلاف الجاحد، فهذه أقوال العلماء ومذاهبهم في هذه المسألة.


(١) هذه الفقرة مقتبسة من تفسير الموطَّأ للبوني: ٩/ أ.
(٢) أخرجه البخاريّ (٦٨١٠)، ومسلم (٥٧) من حديث أبي هريرة.
(٣) أخرجه بهذا اللفظ مطوَّلًا الترمذي (١٣١٥) من حديث أبي هريرة. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
(٤) الّذي في سنن أبي داود (٣٤٥٣) أنّ سفيان كان يكره هذا التفسير ليس منَّا ليس مثلنا.
(٥) انظر الأم: ٣/ ٣٢٠، والحاوي الكبّير: ١/ ٥٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>