للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكتةٌ أصولية (١):

قال الإمام: اختلف علماؤنا من أهل الحجاز والعراق في مبلغ المُدِّ والصَّاعِ كم هو؟

فذهب أهلُ العراق (٢) إلى أنَّ الصَّاع: ثمانية أرطال، والْمُدَّ: رِطْلانِ، واحتجّوا بما رواه أنس بن مالكٌ قال: "كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- يتوضأ برِطلَين، ويغتسل بالصَّاع" (٣)، قالوا: فإذا ثبت أنّ المدَّ رِطلاَن ثبت أنّ الصَّاع ثمانية أرطال.

وذهب أهل المدينة إلى أنّ المُدَّ رُبُع الصَّاع وهو رطلٌ وثُلُث، والصّاع خمسة أرطال وثُلُث، وهو قول أبي يوسف (٤)، وإليه رجع حينَ نَاظَرَهُ مالك في زِنَةِ الْمُدِّ وأتاه بمُدِّ المهاجرين والأنصار.

قال الإمام (٥): وأما حديث أنس فلا حُجَّة لأهل العراق فيه؛ لأنّه قد روي بخلاف ما ذكروه، رواهُ شُعبة عن عبد الله بن جَبْر؛ أنّه سمع أنس بن مالكٌ يقول:"كانَ رسولُ الله -صلّى الله عليه وسلم- يتوضَّأ بالمَكُوكِ، ويغتَسِلُ بخَمسَةِ مَكَاكيَّ" (٦)، وهذا بخلاف ما رواه أنس.

قال الإمام (٥): المَكُوكُ عندهم: نصفُ رِطلٍ إلى ثمانية أَوَاقٍ.

تفريع (٧):

واختلف العلماء هل يجزئ الوضوء بأقلّ من الْمُدِّ، والغُسل بأقلّ من الصاع، على قولين:


(١) هذه النكتة مقتبسة من شرح البخاريّ لابن بطّال: ١/ ٣٠٢.
(٢) انظر كتاب الأصل: ١/ ٢٤، ومختصر اختلاف العلماء: ١/ ١٣٤.
(٣) أخرجه الدارقطني: ١/ ٩٤، والبيهقي: ٤/ ١٧١.
(٤) انظر مختصر الطحاوي: ١٩.
(٥) الكلام موصول لابن بطّال.
(٦) رواية شعبة أخرجها مسلم (٣٢٥).
(٧) هذا التفريع مقتبسٌ من شرح البخاريّ لابن بطّال: ١/ ٣٠٢ - ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>