للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الأوّل - قال قوم: لا يجزئ بأقل من ذلك، لوُرُودِ الخبر في ذلك، هذا قول الثّوري والكوفيِّينَ.

القول الثّاني - قال آخرون: ليس المدُّ والصّاع في ذلك بحَتمٍ، وإنّما ذلك إخبارٌ عن القَدرِ الّذي كان يكفيه - صلّى الله عليه وسلم -؛ لأنّ المُدَّ لا يُجزِىء دونَهُ، وإنّما قصد به التّنبيه على فضيلة الاقتصاد وترك السَّرَفِ، واستحبّ لمن يقدر على الإسْباع بالقليل أنّ يُقَلِّلَ ولا يزيد على ذلك؛ لأنّ السَّرَفَ ممنوعٌ في الشّريعة، لقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "إِنَّه سيكونُ في هذه الأُمَّة قومٌ يتعدّون في الطَّهور والدُّعاء" (١)، وإلى هذا ذهب مالكٌ وطائفة من السَّلَف، وهو قولُ الشّافعيّ (٢) وإسحاق.

نكتةٌ لغوية (٣):

قولها: "هُوَ الفَرَقُ" يقال بتحريك الرَّاء، وقد رُوِيَ عن يحيى وغيره بإسْكانها.

قال الخليل (٤): الفَرَقُ: مِكيَالٌ.

وقال ابن وهب: الفَرَقُ مِكيالٌ من خشَبٍ، كان ابنُ شهاب يقول: يسع خمسة

أقساط بأقساط بني أميّة (٥).

وقد فسَّرَ (٦) أنّ الفَرَقَ ثلاثة أصْوُعٍ.

تكملة:

قال القاضي أبو الوليد (٧):"قولُه: "الفرق" يحتمل معنيين:


(١) رواه أحمد: ٤/ ٨٧، وأبو داود (٩٦)، وابن ماجه (٣٨٦٤)، وابن حبان (٦٧٢٥)، والحاكم: ١/ ٥٤٠ (ط. الهند) كلهم من حديث عبد الله بن مغفل. وصححه ابن حجر في تلخيص الحبير: ١/ ١٤٤.
(٢) في الأم: ١/ ١٢٢.
(٣) هذه النكتة مقتبسة. من الاستذكار: ١/ ٣٣٦ (ط. القاهرة)، وانظر التمهيد: ٨/ ١٠٢ - ١٠٣.
(٤) في العين: ٥/ ١٤٨.
(٥) انظر تفسير ابن وهب في مسند الموطَّأ: ١٦١، والتمهيد: ٨/ ١٠٢.
(٦) المفسِّرُ هنا هو محمد بن عيسى الاعشى القرطبي (= ٢٢١)، كما في الاستذكار، أمّا في التمهيد: ٨/ ١٠٢ فهو ابن كنانة برواية محمد بن عيسى.
(٧) في المنتقى: ١/ ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>