للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وضَربٌ آخر نجِسٌ، وخروجه حدَثٌ ينقض الطّهر ويجب غَسله، كالبول، والغائط، ودم الحائض، والمذي، وثبت الإجماع؛ أنّ المذي ينقض الوضوء وُيوجِبُه، وكذلك المنىّ.

نكتةٌ بديعة (١):

قول عمر في الحديث (٢): "إنَّا لَمَّا أَصَبنَا الوَدَك لاَنَتِ العُرُوقُ" وذلك أنَّه لَمَّا ولي الخلافةَ قدِمَتْ عليه وفودُ الملوكِ فصنع لهم طعامًا وأكل معهم تواضُعًا. وقال في حديث آخر: "لا آكل سَمنًا حتَّى يحيى النّاسُ من أوّل ما يحيَوْنَ" (٣) يريدُ المجاعة الّتي كانت نزلت بالنّاس، فَكَرِهَ أنّ يأكل السَّمْن لتَسْتَوِي حالُه وحالُ النّاس معه (٤). وإنّما أصابه الاحتلام من أجل الوَدَكِ والسَّمْن.

فالنُّكْتَةُ البديعة - في ذلك؛ أنّ المَنِيَّ شيءٌ ثان يتغذّى من الرُّطُوبات، خلافًا لمن قال: إنّ المنىَّ إنّما هو في أصل الْخِلْقَةِ، ولو كان هذا صحيحًا لوُجِدَ في الإنسان من حِين نشأ، وهذا محالٌ، وإنّما يخلقه الله عند الحاجة إلى الكمال والدّخول في حدِّ الرِّجال، فالمنيُّ قد يتقوّى بالرُّطوبات كما قلنا وكما قال عمر، وقد يضعفُ بالصَّوم والحسومة (٥) أيضًا، فهذه نكتةٌ بديعة جدًّا.


(١) القسم الأوّل من هذه النكتة مقتبس من تفسير الموطَّأ للبوني: ١١/ ب.
(٢) الّذي رواه مالكٌ (١٢٤) رواية يحيى.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٤٤٦٤).
(٤) هنا ينتهي النقل من تفسير الموطَّأ للبوني.
(٥) الحسومة: سوء التغذية.

<<  <  ج: ص:  >  >>