للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الولدُ أنثَى بحُكم سَبقِ ماء المرأة، وأشبه أخوالَه بحُكمِ الغَلَبَةِ والكَثرة. وإن خرجَ على السَّبق والأَعلَى، فلا يخلو من هذا التّقسيم، والله أعلم.

قال بعض أشياخي: وبَقِيَ هاهنا نكتةٌ، وهي إذا استوى ماءُ الرَّجُلِ وماءُ المرأةِ، ولم يَعلُ ذا على ذا، ولا ذا على ذا، فإنّه يكون خُنثَى.

قال الإمام الحافظ: وقد كانتِ الخِلقَةُ مستويةً ذَكَرًا وأُنثَى، إلى أنّ وقع في الجاهلية الأُولى خُنثَى، فأتى به فرضيّ العرب ومعتمدها (١)، فلم يَدرِ ما يقول فيه، فلما جَنَّ عليه الليل، تنكَّرَ عليه مَضجعه، وجعل يتقلّب ويُطيلُ التَّفَكُّر فيه، إلى أنّ أنكرت عليه جاريته حاله، فقالت له: مالكٌ؟ فذَكَر لها الأمر، وقال لها: رَجُلٌ له ذَكَرٌ وفَرْجٌ، كيف يكون حَالُه في الميراث؟ فقالت له الأَمَةُ: يُوَرَّثُ من حيث يبولُ، فعلقها، وأصبح، ففرضها لهم وأمضاها عليهم، فانقلبوا بها رَاضِين، وجاء الإِسلامُ على ذلك، فلم تنزل إلّا في عهد عليّ بن أبي طالب (٢)، فقَضَى فيها على ما قدَّمنا.

ورُوِي عن الكَلبِىّ (٣)، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس؛ أنّه سُئِلَ عنها وعن مولودٍ له قُبُلٌ ودُبُرٌ، من أين يُوَرَّث؟ فقال: يُوَرَّثُ من حيث يَبُولُ (٤).

ورُويَ أنّه أُتِيَ بخُنثَى من الأنصار إلى النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-، فقال: "يُوَرَّثُ من حيث يَبُول" (٤).

قال أبو عبد الله الشّقاق (٥)، فرضىُّ الإسلام، إنّ بال منهما جميعًا، ورثَ من الّذي


(١) صرح المؤلِّف في أحكام القرآن: ٤/ ١٦٧٣ باسم هذا الفرضي، وهو عامر بن الظَّرِب.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٩٢٠٤) وصحح إسناده ابن حجر في تلخيص الحبير: ١/ ١٢٨.
(٣) في الأحكام: "وقد روى الفرضيون عن الكلبي".
(٤) أخرجه من هذا الطّريق ابن عدي في الكامل في الضعفاء: ٦/ ١١٩، والبيهقي: ٦/ ٢٦١، وسند الحديث فيه محمد بن السائب الكلبي، وهو متروك الحديث، كذاب، انظر تلخيص الحبير: ١/ ١٢٨
(٥) كان آية من آيات الزمان في الفرائض والحساب (ت. ٥١١) انظر السير: ١٩/ ٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>