للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه قول سحنون: فلأنه إذا نوتِ الجنابة لم ترفع جميع مُوجِب الحيض، وصارت كمن نوت الطّهارة لفعل معيَّنٍ دون غيره.

تفريع:

فعلى القولين؛ إنّ قلنا بقول سحنون، فلا نبالي كانت الجنابة طارئة على الحيض أو متقدِّمة عليها. فإن قلنا بقول أبي الفَرَجِ وابن عبد الحكم، فالعلَّةُ على وجهين:

١ - إنّ كانت الجنابةُ قبلَ الحيض، فهي المختلَف فيها.

٢ - وإن كانتِ الجنابةُ طارئة على الحيض، فلا يدخل فيها هذا القول، يريد أنّه (١) لا تجزيها قولًا واحدًاَ. والفرقُ بينهما أنّ طَرءَ الجنابة على الحيض لا حُكمَ له، إذْ لا قدرةَ لها على رفعها، وبخلافه تقدّم الجنابة على الحَيضَة؛ لأنّها كانت قادرة عليها وعلى رفعها قبل طروء الحيض، فلما حاضت صارَ الحكمُ للحيضِ، فلذلك قال سحنون: لا يجزئها،

المسألة السّادسة:

هي إذا تطهَّرَتِ الحائض الجُنُب للجنابة متعمِّدَة لتَركِ نية الحيضِ؟ فما رأيتُ فيها نصًّا، والظّاهر أنّه لا يجزئها؛ لأنّ نية الجنابة مع المعرفة بالحَيض لا تأتي على رفع ما يمنعه الحيض، فصار كمن نوى الطّهارة الصغرى على الكبرى متعمِّدًا.

المسألةُ السّابعة:

هي إذا أرادتِ الحائضُ الجُنُب أنّ تغتسل للجنابة لتقرأ القرآن طاهرًا؟ ففيها روايتان:

١ - قال عبد الوهّاب بوجه الجواز لذلك (٢)، وهي رواية ابن وهب، وظاهرُ "المدونة" فلأنّها قادرة على رفع الحَدَثِ، وتَطُول مدّتها، فكانت معذورة في ذلك للمشقَّةِ الّتي تلحقها كما تلحق المُحدِثِ.

٢ - ووجهُ المنعِ: قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "لا يقرأُ جُنُبٌ ولا حائضٌ شيئًا من القرآنِ" (٣) ولأنّ الحيضَ أيضًا حَدَثٌ يُوجِبُ الغُسل، فأشبه الجنابة.


(١) غ: "أنّها".
(٢) انظر الأشراف: ١/ ١٢٨ - ١٢٩.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٥٩٥)، والترمذي (١٣١)، والدارقطني: ١/ ١١٧، والبيهقي: ١/ ٨٩ من حديث ابن عمر، وضعّفه ابن حجر في تلخيص الحبير: ١/ ٢٤٠ (ط. قرطبة).

<<  <  ج: ص:  >  >>