للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - والجدار بقرب من المريض إذا كان من تراب أو طِينٍ، ولم يكن له من يوضئه فإنه يتيمّم.

المسألة الثّالثة:

هل عليه في ذلك أنّ ينوي رفع الحدَثِ أم لا؟ فقال عبد الوهّاب: لا أحفظ في ذلك نصًّا، وهي مجملة (١)، فإن قلنا: لا تجزئه؛ فلأنّ التَّيمُّمَ لا يتضمَّن رفع الحدَثِ، فإذا نوى به ما لا يتضمنه، صار كأنّه يتيمّم بغير نيةٍ. وإن قلنا: يجزئه، فلأنّ معنى رفع الحَدث يتضمَّن المقصود بالنية ويزيد عليه؛ لأنّ رَفْعَ الحَدَثِ معناه استباحة كلّ ما كان الحدث مانعًا منه، والتيمُّم موضوع لبعض هذا، فصار كمن تيمَّمَ ينوي فرضين فأكثر في أنّ تيَمُّمَهُ يصحّ للصّلاة الّتي حضر وقتها، ولا يريد نية فيما زاد.

المسألة الرّابعة:

عندنا (٢) أنّه لا يصلي فَرضَين فأكثر بتيمُّم واحد. وقد اختلفت الروايات عنه في المنسيات، فالجمهور عنه لا يصحّ بحالٍ. وحكى أبو الفَرَجِ عن مالكٌ جواز الجمع بين المنسيات بتيمُّم واحدٍ (٣).

قال القاضي أبو محمد عبد الوهّاب: والنظر يقتضي أنّ يتيمّم لكلِّ صلاة بتيمُّمٍ مجدّد، وإلّا كان متيمِّمًا لكلَّ صلاة قبل وقتها، وكذلك الشّيخ أبو بكر الأبهريّ يُخَطِّئ أبا الفَرج في ذلك. والذي أوْجَبَ اختلاف أصحابنا في هذه المسألة اختلافهم في التّعليل، وجملة ذلك ثلاث:

أحدهما: ألَّا يتيمَّمّ لكلِّ صلاة قبل وقتها، فمن علَّلَ بهذا أجازه؛ لأنّه يتيمَّم في وقتها؛ لأنّ وَقْتَها حال ذِكْرِها، ومنع المريض الّذي، لا يَقْوَى على مسِّ الماء أنّ يصلِّي صلاتين بتيمُّم واحدٍ لأنّه يتيمّم للثانية قبل وَقتْهِا، وعلى هذا التّعليل أجاز ابنُ القاسم وأَصبَغ في إحدى الروايتين فيمن صلّى بتيممِ الظهر والعصر أنّه يعيدُ في الوقت، لاشتراكهما في الوقت.


(١) انظر المعونة: ١/ ٣٨.
(٢) انظر عيون الادلة في مسائل الخلاف: لوحة ١٨/أ. ب والإشراف: ١/ ١٦٦، والمعونة: ١/ ٤١.
(٣) ذكر هذه الرِّواية ابن أبي زيد في النّوادر والزيادات: ١/ ١١٨، وابن عبد البرّ في اختلاف أقوال مالك: ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>