للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتعليلُ الثّاني: أنّ عليه طلب الماء لكلِّ صلاة، فمن علَّلَ بهذا، أجاز للمريض الّذي لا يَقدِر على استعمال الماء جمع صلاتين بتيمُّم واحدٍ لسقوط الطَّلَب عنه، ومنع من ذلك في الفوائت للْزُوم الطَّلَب والتَّعليلِ.

والتعليلُ الثّالث: هو أنّ التَّيمُّمَ لا يرفع حَدَثًا.

هذا تعليلُ جملة أصحابنا، وذلك يُوجِبُ ألَّا يصلِّي بالتّيمُّم الواحدِ إلَّا فرضًا واحدًا، هذا هو الأصلُ.

المسألة الخامسة:

إذا تيمَّمَ لنافلةٍ، جاز له أنّ يصلِّي نوافل عِدَّة، إلَّا أنّ يطول فيستأنف تَيَمُّمَهُ.

فإن قيل: فما الفرق بين النَّوافل والفرائض، وكلاهما سواء في شرط الطّهارة بالماء؟

قلنا: إنّ اعتبار الفَرضِ بالنَّفلِ لا يصحّ؛ لأنّ حُكْمَ النَّفل أَخْفَض من الفَرْض، ولذلك يَتَنَفَّلُ جالسًا مع القُدرَةِ على القيام، وإلى غير القبلة إذا كان مسافرًا رَاكِبًا، وغير ذلك، فافترقا بهذا.

المسألة السّادسة:

إذا تيمَّمَ لنافلة، فلا يصلِّي به فريضة، واستَثْنَى الْبَرقِي عن أشهب في مسألة واحدة وهي: إذا تيمَّمَ لرَكعَتَي الفجرِ جازَ له أنّ يصلِّي به الصُّبح (١)، وهو ضعيفٌ.

المسألة السّابعة:

هو إذا تيمَّمَ لفَرضِه، جاز له أنّ يَتَنَفَّلَ به بعد الفَرض ما لم يطل، مثل إنّ يصلِّي بتيمُّمِ الفجر، وفي الوِتر وحدَهُ روايتان (٢): سحنون يُجيزُه بتيمُّمِ العشاءِ، وغيرُه يَأبَى.

المسألة الثّامنة:

هو إذا تيمَّمَ لفريضةٍ فَتَنَفَّلَ قبلها، فهل يعيدُ تَيَمُّمَهُ استحبابًا أو إيجابًا؟ المسألة محتملة، قال في "المدوّنة" (٣): يعيدُ التَّيمُّمَ إذا صلَّى بتيمُّمِ الصُّبح ورَكعَتَي الفجر، فَحَمَلَهُ الشّيخ أبو إسحاق (٤) على الاستحباب، ويجوز حَملُه على الإيجاب، فإِن قلنا: لا يصحّ بخلاف تقدّم


(١) انظر هذه الرِّواية في النّوادر والزيادات: ١/ ١١٨.
(٢) انظرهما في المصدر السابق، واختلاف أقوال مالكٌ: ٧٥.
(٣) ١/ ٥١.
(٤) هو محمد بن القاسم بن شعبان (ت. ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>