للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقتِ في آخر ما يقع عليه اسم أوّل الوقت؛ لأنّه يؤخّر الصّلاة رَجَاءَ إِدْراك فضيلة الماء ما لم يَخَفْ فواتَ فضيلة أوّل الوقت. فإذا خاف فواتها تَيَمَّمَ وصلَّى لِئَلًا تفوته فضيلة أوّل الوقت ثمّ لا يُدْرِك الماء، فتفوته الفضيلتان.

وأمّا الوجهُ الثّالث: إنّه يؤخِّر الصّلاة إلى أنّ يُدْرِك الماء في آخره؛ لأنّ فضيلة الماء أعظم من فضيلة أوّل الوقت؛ لأنّ فضيلة أوّل الوقتِ مختلفٌ فيها، وفضيلةَ الماء متَّفَقٌ عليها، وفضيلة أوّل الوقت يجوز تركُها دون ضرورة، ولا يجوز ترك فضيلة الماء إلَّا لضرورة، واللهُ أعلم (١).

وأمّا قوله (٢) في حديث ابن عمر (٣):"حتَّى إذًا كَانَا بِالْمِرْبَدِ" روى سفيان (٤)؛ أنّ بينه وبين المدينة ميلا أو ميلين (٥)، وهذا يقتضي اعتقاد عبد الله بن عمر جواز التَّيمُّم لِعَدَمِ الماء في الحَضَر؛ لأنَّ من يقصر التَّيمُّم على السَّفَر، لا يُجْزِئه من المسافات إِلَّا فيما تقصر فيه الصّلاة، قاله ابنُ حبيب. قال ابنُ مَسْلَمَة: إنّما يتيمّم ابن عمر بِالمِربَدِ وهو بِطَرَفِ المدينة ولم ينتظر الماء؛ لانّه خافَ فواتَ الوقتِ، وأراد بذلك الوقت المستحبّ.


(١) هنا ينتهي النقل من المقدّمات.
(٢) الكلام التالي مقتبسٌ من المنتقى: ١/ ١١٣.
(٣) الّذي رواه مالكٌ (١٤٠) رواية يحيى.
(٤) هو الثّوريّ.
(٥) انظر معجم البلدان: ٩٧/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>