للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرّابعة عشر (١):

فيه من الفقه: مدحُ الإنسان بما فيه إذا أَمِنَ منه الإعجاب بذلك، وما روي عن النّبيِّ -صلّى الله عليه وسلم- في رَجُلٍ مَدَحَ رَجلًا فقال: " قَطَعْتُمْ ظَهْرَ أَخِيكُم" (٢) إنّما خشِيَ عليه العجب، وأن يعجب بذلك، والله أعلم.

تكملة (٣):

قال بعض العلماء: لم يصح عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - في الحَضَر شيءٌ، وإنّما صحَّ عنه هذا الحديث في السَّفَر، فجلُّ العلماء لا يرون التَّيمُّمَ إلا في السَّفَر، وقد بَوَّبَ البخاريّ في "كتابه" (٤): "باب التَّيَمُّم في الحَضَر"، ثم جاء بحديثِ (٥): أَقْبَلَ رسولُ الله -صلّى الله عليه وسلم- من نَحْوِ بِئرِ جَمَلٍ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فسَلَّمَ عَلَيهِ، فَلَم يَرُدَّ -عليه السّلام-، حَتَّى أَقْبَلَ على الجدار، فمَسَحَ بوجهِهِ ويَدَيهِ، ثمَّ رَدَّ. عليهِ السَّلام.

قال الإمام (٦): والعادمون للماء على ثلاثة أَضْرُبٍ:

أحدُها: أنّ يعلم أنّه لا يَقدِر على الماء في الوقت، أو يغلب ذلك على ظَنِّه.

الثّاني: أنّ يشكّ في الأمر.

الأمرُ الثّالث: أنّ يعلم أنّه يَقْدِر على الماء في آخر الوقتِ، أو يغلب ذلك على ظنِّه.

فأمّا الضّربُ الأوّل: فإنه يستحبُّ له التَّيَمُّم والصّلاة في أوّل الوقتِ ليحوز فضيلة أوّل الوقتِ، إذ قد فاتته فضيلة الماء. وهذا حُكْمُ الّذي لا يَقْدِر على مسِّ الماء.

وأمّا الوجهُ الثّاني: فإنّه يتيمّم في وسطِ الوقتِ، ومعنَى ذلك: أنّ يتيمَّمَ في


(١) هذه الفائدة مقتبسة من المصدر السابق.
(٢) أخرجه البخاريّ (٢٦٦٣)، ومسلم (٣٠٠١) من حديث أبي موسى.
(٣) الفقرة الأولى من هذه التكملة مقتبسة من نفسير الموطَّأ للبوني: ١٢/ ب.
(٤) الباب (٣) من كتاب التَّيمُّم (٧).
(٥) رقم (٣٣٧) عن عمير مَوْلَى ابن عبّاس. كما رواه مسلم أيضًا (٣٦٩).
(٦) من هنا إلى بداية الفقرة الأخيرة من هذا الباب مقتبس من المقدِّمات الممهدات: ١/ ١٢١، وانظر كلامًا مشابهًا في المنتقى: ١/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>