للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: تتمَادَى إلى خمسةَ عَشَر يومًا، وهو أكثر الحَيْض (١).

وروي عن ابن نافعِ، وابن الماجشونِ؛ أنّ أكثر الحيض تسعة عشر يومًا، وهي روايةٌ ضعيفةٌ لا أصلَ لها.

والدَّليلُ على صحَّة ذلك: أنّ الله تعالى جعل عدَّةَ الحائض ثلاثة أقراءٍ، وجعلَ عدَّةَ اليائسة ثلاثة أشهر، فقابل كلَّ قُرْء بشَهرٍ، ولا يخلو أنّ يقابِلَه بأكثرِ الحيضِ وأكثرِ الطُّهْرِ، وذلك محال؛ لأنَّ أكثر الطُّهر لا حدَّ له، أو بأقلِّيهما، وذلك أيضًا مُحَالٌ؛ لأنّ أقلَّ الحيض لا حدَّ له، فلم يبقَ إلَّا أنَّه قابله بأكثر الحَيضِ وأقلِّ الطُّهر، وذلك خمسة عشر يومًا، وعلى هذه الأصول الّتي بَيَّنَّا تتفرَّعُ جميعُ مسائلِ الحيضِ إنّ شاء الله.

إيضاح مشكل:

قال شيخنا جرير بن مَسْلَمَة: والدِّماءُ الّتي يرخيها الرَّحِم على ثلاثة أَضْرُبٍ: دَمُ حَيْضٍ، ودَمُ نِفَاس، ودَمُ عِلَّة ودَمُ فَسَادٍ، وإنّما صحَّت هذه القسمة وانْحَصَرَت إلى ثلاثة أقسام؛ لأنّه لا يوجد في الشَّرع قِسْمٌ رابعٌ.

وأمّا دمُ الحَيض: فهو الدَّمُ الخارج من الفَرْجِ على وجه الصِّحَّة والعادة، لا بسبب الولادة.

وقولنا "على وَجهِ الصِّحَّة احترازٌ من دَمِ الاستحاضة.

وقولنا: إلا بِسَبَبِ الولادَة" تَحَرُّزٌ من دَمِ النُّفَسَاء.

وأمّا دَمُ النِّفاس: فهو الخارج من الفَرْجِ على وجه الصِّحَّة والعادَةِ وبسَبَبِ الولادة.

فإن قال قائل: قولُكُم "عَلَى وَجْهِ الصِّحَّة " والنِّفاسُ مَرَضٌ من الأمراضِ.

الجواب عنه أنّا نقول: إنّ النفاس مَرَضٌ يُعْرَف سَبَبُهُ، وأمّا الاستحاضة فهو الدَّمُ الزائد على مُدَّةِ الحيض والنِّفاسِ، هكذا عَبَّر عنه بعض البغدَاديِّين.

ومنهم من قال: هو الدَّمُ الزّائد على أكثر مدَّةِ الحَيضِ والنِّفاس، والعبارةُ الأُولى لا تصحّ عند أهل النّظر.


(١) وهي رواية أكثر المدنيين، كما في عقد الجواهر الثمينة: ١/ ٩٣، انظر النوادر والزيادات: ١/ ١٩١،
والمعلم: ١/ ٣٤٦، وإكمال المعلم: ٢/ ١٢٦، والذخيرة: ١/ ٣٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>