وأمّا الطُّهر، فهو ما عَدَا زَمَن الحَيْض والنِّفاس، وقد عبَّرَ عنه بعضُهم بأنْ قال: هو الزَّمَانُ الّذي يُحْكَم فيه يكون المرأة غير حائض ولا نفساء، وكلا العبارتين صحيحة.
وقال بعض القرويِّين: هو خُلُوُّ الفَرْجِ من الدَّم مُدَّة مخصوصة.
مزيد إيضاح:
قال شيخُنا جرير بن مسلمة: والنِّساءُ الواجداتُ للدَّماء على ثلاثة أضرب:
أمّا حالُ الطفولية، فينبغي مَا وُجِدَ بِهَا أنّ لا يكون حَيْضًا. والدّليل على ذلك: أنّ الحَيضَ في النِّساء مقام الاحتلام في الرِّجال، فلمّا امتنع في الطّفولية أنّ يكون الاحتلام في الرِّجال، فكذلك الحيض في النِّساء، ولأن النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال وقد خطب النِّساء يومًا:"إنَكُنَّ ناقصاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ"، فقالت امرأةٌ: يَا رسولَ الله، وما نقْصَان دِينِنَا؟ قال:"ألَيْسَت إِحْدَاكنَّ تَترُكُ الصَّلَاةَ شطر عمرها"(١).
قال علماؤنا: هذا دليلٌ على أنّ الحَيْضَ إنّما يوجد على من تتعيَّنَ عليه الصّلاة. قال: وهل يسمَّى ذلك الدَّم استحاضة أو لا؟ أو يزيد بذلك أنّه دم علّة وفسادٍ، فيسمَّى ذلك على المجاز.
وأمّا حال المراهِقَة واليَفَاع، فما وَجِدَ به من ذَلك فيُحْكَم به على أنّه حَيضٌ.
وأمّا البالغة فلها حالتان:
١ - ابتداءٌ، وهي الّتي ترى دمًا لم تره قبلُ، فهذا يأتي حكمه فيما بعد.
٢ - وحالة اعتياد، وهي الّتي ترى دَمًا قَدْ رأَتهُ قبل ذلك، وهذا له حُكْم سبب الولادة.
(١) أخرجه بنحوه البخاريّ (٣٠٤) من حديث أبي سعيد الخدري، كما رواه مسلم (٧٩) من حديث ابن عمر. إلّا أنّ لفظ شطر عمرها لم يرد في الصحيحين ولا في الكتب المعتمدة، بل قال ابن الجوزي في التحقيق في أحاديث الخلاف:١/ ٢٦٣ "هذا لفظ لا أعرفه" وانظر تلخيص الحبير: ١/ ١٩٣.