للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثّالثة:

في هذا الحديث دليلٌ على أنّ الماء إذا أهلكَ النّجاسة أسقط حُكْمَها وقلبها طهارة. وقال لنا أبو حامد (١): في الماء قوّتان: قوّةٌ حِسَّيَّةٌ وهي الإزالة، وقوّةٌ شرعيَّةٌ وهي التّبديل والإحالة. والدليل عليه: أنّه إذا وقع الدَّم في الثّوب، فغسله بالماء حتّى لم يبق إلَّا الأثر، فإنّ المحلَّ طاهرٌ بأثره، والدّم باقٍ قطعًا، فإنّ بقاء اللّون دليلٌ على بقاء المتلوّن، لكن الماء يزيل عين النّجاسة إلى الطّهارة، وهذا معنى يختص بالماء (٢). قال الإمام الحافظ: وهذا القولُ جار على مذهب الشّافعيّ (٣)، وأبي حنيفة (٤)، وأما أصل مالك فقد اختلف فيه، والمشهور مثل ما تقدّم.

المسألة الرّابعة:

لا يجوز إدخال الثّوب النجس في المسجد، لقوله (٥):"إنّ هذه المساجد لا تصلُح لشيءٍ من هذا الحَدَث".

المسألة الخامسة:

في هذا الحديث دليلٌ على أنَّ حرمة الآدميّة آكد من المسجد؛ لأنّ البّوْلَ لو قطع عليه لأضرَّ ذلك به في بَدَنِهِ، ولو تَلَقَّاهُ بثوبه لشقَّ ذلك عليه في غسله، ولو أخرج كما هو من المسجد لَمَرَثَ المسجد، فجمع رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - في تركه بين هذه الوجوه.

المسألة السادسة (٦):

إذا صُبَّ الماءُ على النّجاسة فَغَمرها، واستهلك البَوْل فيه بذهاب الرائحة

واللّون، طَهُرت الأرضُ، وبه قال الشّافعيّ (٧).


(١) هو الإمام الغزالي.
(٢) انظر رأي الغزالي هذا بالتفصيل في الوسيط في المذهب: ١/ ١٩١ - ١٩٩. وإحياء علوم الدِّين: ١/ ١٣٠.
(٣) انظر الحاوي الكبير: ١/ ٣١٣.
(٤) انظر كتاب الأصل: ١/ ٦٠، ومختصر اختلاف العلماء: ١/ ١٣١.
(٥) في حديث مسلم (٢٨٥) عن أنس بن مالك.
(٦) انظرها في العارضة: ١/ ٢٤٥.
(٧) انظر الحاوي الكبير: ١/ ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>