للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - قَائمًا لِجُرْحٍ كَان بِمَأَبِضِهِ (١) " (٢).

وثبت (٣) عنه - صلّى الله عليه وسلم - أنّه كان يرتادُ لبَوْلِهِ موضعًا، كما يرتادُ لإقامته مَنْزِلًا (٤). وكان يتجنَّبُ العَزَازَ (٥) من الأرض إذا أراد البَرَازَ، ويختار البُقْعَة اللَّيَّنَة، وذلك كله احترازٌ من تَطايُرِ التوْل وتعَدَّيه إلى البدَن والثوب، ولذلك بال على السُّباطَةِ قائمًا.

وفي الصّحيح: أنّه يُعَذَّبُ في قَبْرِهِ من لا يتَنَزَّهُ من بَوْلِهِ (٦).

وفي الحديث الصّحيح: "تنَزَّهُوا مِنَ البَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذابِ الْقَبْرِ مِنْهُ" (٧).

وقيل: البوْلُ وسائرُ النّجاساتِ كثيرُها وقليلُها سواءٌ، يَلْزَمُ اجتنابُها، ويجبُ غَسْلُ قليلها وكثيرها، ما خلا الدَّم فإنّه يُعْفَى عن يسيره لوجهين:

أحدُهما: أنّه لم يحرَّم منه إلَّا الكثير، لقوله: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} (٨).

الثّاني: عَدَمُ إمكانِ الاحتراز منه، فإنّ البَدَنَ لا يخلو في الغالِبِ عنه، فسمَحَت الشريعةُ في يسيره رَفْعًا للحَرَج. ودمُ الحَيض كسائر النّجاسات لا يُعْفَى عن شيءٍ منه؛


(١) المأبضُ: باطن الرُّكبة.
(٢) أخرَجه الحاكم: ١/ ٢٩٠ (ط. عطا) وقال: "هذا حديث صحيح تفرّد به حمّاد بن غسان، ورواته كلهم ثقات" والبيهقي: ١/ ١٠١.
(٣) انظر الكلام التالي في القبس: ١/ ١٨٨ - ١٨٩.
(٤) أورد. الترمذي في جامعه: ١/ ٧٢، ولم نقف على من أخرجه بهذا اللفظ، إلَّا أننا وجدنا الطبراني في الأوسط (٣٠٦٤) يروي بسنده عن أبي هريرة قال: "كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يتبوّأ لبَوْلِهِ كما يتبوّأ لمنزله". يقول الهيثمي في المجمع: ١/ ٢٤٠ وهو من رواية يحيى بن عبيد بن دجي عن أبيه، ولم أر من ذكرهما، وبقيّةُ رجاله موثّقون". ورواه أيضًا ابن عدي في الكامل: ٣/ ٣٧٧، وانظر المراسيل لابن أبي حاتم: ١٣٥.
(٥) العَزَازُ: ما صلب من الأرض واشتدّ.
(٦) أخرجه بنحو. البخاريّ (٢١٦)، ومسلم (٢٩٢) من حديث ابن عبّاس، وفيه: "لا يستر" بدل: "لا يتنزّه".
(٧) أخرجه بهذا اللفظ الدارقطني: ١/ ١٢٧ من حديث أنس، وقال: "المحفوظ مرسل" وحسّن إسناده ابن الملقّن في تحفة المحتاج (١٢٤)، وانظر نصب الراية: ١/ ١٢٨.
(٨) الأنعام: ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>