بعد ذلك؛ لأنّه غُفِرَ له بِشَرْطِ استغفاره. ورُفِعَ إلى أشرفِ منزلة بشَرْطِ أنّ يجتهد في الأعمال الصّالحة، والكُّل له حاصلٌ بفَضلِ اللهِ
وفي وجه طَلَب المغفرة ها هنا محتملان:
١ - الأوَّل: أنّهَ سأل المغفرةَ من تَرْكَهِ ذِكر الله في تلك الحالة.
فإن قيل: إنّما تَرَكَها بأمر ربِّه، فكيف سَأَلَ المغفرة من فِعْلٍ كَانَ أَمَرَهَ اللهُ به؟
الجواب: إنَّ التَّرك كان كان بأمر الله، إلَّا أنّه من قِبَلِ نفسه، وهو الاحتياج إلى الخَلاءِ
فإن قيل: هو مأمور بما جرّهُ الدّخول إلى الخلاء، وهو الأكلُ؟ * قلنا: العبدُ مأمورٌ بالأكل المؤدِّي* إلى الاحتياج إلى الغائط، مقدور عليه خلوّ ذلك الوقت عن الذِّكرِ، والبارئ يعدّ على العبد ما يقوده إليه ويلزمه ما يخلقه فيه. وهذا الكلام فيه غموض لا يحتمله هذا "الكتاب".
٢ - والفائدة: أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - سألَ المغفرةَ في العَجْزِ عن شُكرِ النِّعمة في تيسير الغذاء، وإنّما منفعته إخراج فَضْلَتَه على سُهولةٍ، ويحقّ أنّ يعتقد هذا المقدار نعمة يتأدّى قضاء حقِّها بالمغفرة.
٤ - حديث رابع: روي عن النَّبيِّ -صلّى الله عليه وسلم- أنّه قال:"إنمَّا أَنَا لَكُم بِمَنْزِلَةِ الوَالِدِ" الحديث (١).
(١) أخرجه الشّافعيّ في مسنده: ١٣، والحميدي (٩٨٨)، وأحمد: ٢/ ٢٤٧، وأبو داود (٨)، وابن ماجه (٣١٣)، والنسائي: ١/ ٣٨، وأبو عوانة: ١/ ٢٠٠، وابن خزيمة (٨٠)، وابن حبان (١٤٣١) من حديث أبي هريرة.