للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيل: هو التزام ما على المضمون.

وقيل: التزام مثله.

والأدلَّةُ متعارضة، وفروعُ المذهبِ فيه مضطربةٌ، والصّحيحُ أنّه التزام مثله.

فإن قيل: فأين هذا المعنى في هذا الحديث (١)؟

قلنا: قد ألقينا إليكم أنّه متى ورد في الشّريعة لفظٌ فاجروه على حقيقته، فإن لم يكن ذلك بدليلٍ يعارِضُه، فاحملوه على مَجَازِهِ. فإذا عُلِمَ هذا، فلا يمكن أنّ يحمل الإمام عين (٢) صلاة المأموم، ولا يحمل (٣) مثلها أيضًا لوجهين:

أحدهما: أنّه يلزمه كما يلزمه، ولم يأت أنّها تسقط عنه بفعله، فزال عن (٤) الحقيقة إلى المجاز. ووجه المجاز: منه (٥) متَّفقٌ عليه، ومنه مختلف فيه، فالمتَّفقُ عليه: حملُ السَّهْوِ والقراءة في المسبوق بالقيام إذا أدرك الرُّكوع. والمختلَف فيه: حمل القراءة، ولأجل هذا لم تصحّ صلاة المفترض خلف المتنَفَّل، ولا جازتِ الإمامة من مختلفِي الفَرْض؛ لأنّه لا يصحّ الضّمان مع الاختلاف في الأصل والوصف، والله أعلم.

حديث: قوله: "صَلُّوا عَلَيَّ، ثمَّ سَلُوا اللهَ لي الوَسِيلَةَ، فَمَنْ سألً لي الوَسِيلَةَ حَلَّت عليه شَفَاعَتِي" (٦) يعني (٧): غُفرَان الذنوب (٨). وتحلّ عليه الشّفاعة بالإيمان بها والتّصديق بمقتضاها وتأكيد السؤال بها (٩)، ومع هذا بخلوص التّوحيد يدخل الجنّة، كما في حديث عمر (١٠)، وفي حديث جابر (١١) صفة الأذان والدّعاء وفيه الوسيلة، وقد تقدّمت الإشارة إليها.


(١) م: "الصّحيح".
(٢) غ: "غير".
(٣) غ: "أو لا يحمل".
(٤) جـ:"على".
(٥) جـ: "فيه".
(٦) أقرب رواية إلى ألفاظ المؤلِّف، هي ما أخرجه الترمذي في جامعه الكبير (٣٦١٤) عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وأصل الحديث عند مسلم (٣٨٤).
(٧) انظر هذا الشرح في العارضة: ٢/ ١١ - ١٢.
(٨) غ: "الذنب".
(٩) في النسخ: "لها" والمثبت من العارضة.
(١٠) الّذي رواه مسلم (٣٨٥).
(١١) الّذي أخرجه البخاريّ (٦١٤، ٤٧١٩)، وليس فيه صفة الأذان، بل هو في حديث مسلم المتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>