للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقه (١):

إعلموا أنّ الأذان إنّما وضع كما بينّاه للإعلام بالوقتِ، فلا يكون إلَّا عند دخول الوقت، ولم يُشْرَع الأذانُ في الدِّين للنّوافل، وإنّما شرع للإعلام بوقت الفرائض، خَلَا صلاة الصُّبح، فإنّه يُنَادَى لها قبل وقتها بقليلٍ، ليتأهّب النّاس لها وتوقع (٢) في وقتها. وقد غلا في ذلك بعضى الرُّواة (٣) فقال:" يُؤَذّنُ لها عند الفراغ من العَتَمَةِ". وقيل: يؤذّن لها إذا انتصف اللّيل (٤)، أو ثُلُثَه، وهذا كلّه ضعيفٌ؛ لأنّه ليس في هذه الأوقات صلاة فريضةِ، وإنّما هي أوقات فضيلة، ولم يشرع لها أذان، فلا ينبغي أنّ يُلْتَفَتَ إلى ذلك.

كيفية الأذان (٥):

قال الإمام: اختلفتِ الرِّوايات في كيفيته عنِ النّبيَّ صلّى الله عليه من طُرُقٍ مرويّةٍ عن بلال وسَمُرَة وسَعْدٍ وأبي مَخذُورةَ، برواياتٍ لا يُعَوَّلُ على أكثرها، إلَّا ما رواه مالكٌ في "موطّئه "، وذلك أنّ مالكًا عوَّلَ على نقل أهل المدينة وعملهم (٦)، وقد نقلَ الأذان سبع عشرة كلمة نقلًا متواترًا (٧)، ولذلك قال (٨):"لا أعرفُ شيئًا ممّا أدركتُ عليه النَّاسَ، إلَّا النَّداءَ للصّلاةِ" وكذلك نَقَلَتِ الإقامة فُرَادَى، هذا نقل أهل المدينة، فلا يُعَوَّل إلَّا على مذهب مالكٌ في هذا المعنى.

توقيت (٩):

قال النّبيُّ صلّى الله عليه: " إذًا أُقيمتِ الصّلاةُ فلا تقوموا حتّى تَرَوْني" (١٠).


(١) انظره في القبس:١/ ١٩٨.
(٢) في القبس:"ويوقعونها".
(٣) م: "الروايات".
(٤) قاله ابن حبيب، كما في النّوادر والزيادات: ١/ ١٦٠، واختلاف أقوال مالكٌ: ٦٧.
(٥) انظره في القبس: ١/ ٢٠٣.
(٦) يقول المؤلِّف في العارضة: ١/ ٣١٠ "خذوا- رحمكم الله- أصلاً في الأذان وما كان في نصابه من المسائل. وهو أنّ كلَّ مسألة طريقها النّقل كالأذان والصّاع والمدّ؛ فإن مذهب مالكٌ مُقَدَّمٌ على جميع المذاهب، تعويلًا على نقل أهل المدينة".
(٧) انظر رسالة في الأذان للمعافري: ٥٧.
(٨) في الموطَّأ (١٨٧) رواية يحيى.
(٩) انظره في القبس: ١/ ٢٠٤.
(١٠) أخرجه البخاريّ (٦٣٧)، ومسلم (٦٠٤) من حديث أبي قتادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>