للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصول (١):

قوله: "تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ" هو مصدر، حَرُم يَحْرُمُ، ويَشْكُلُ استعمالُه هاهنا؛ لأنّ التكبير جزءٌ منها، فكيف يحرمها؟ فقيل: مجازُه (٢) إحرامها، يقال: أحرمَ الرَّجُلُ، إذا دخل في الشّهر الحرام، أو البلد الحرام؛ ولمّا كانتِ الصّلاةُ تحَرَّمُ أشياء قيل لأوّل ذلك - وهو التكبير-: إحرام، واتبع الأوّل الثّاني، كما قالوا: أتَيْتُه بالغدايا والعشايا ونحوه.

ويحتمل أنّ يجعلَها حرامًا لا يجوز أنّ يُفْعَلَ فيها شيءٌ (٣) من غيرها، كما يقال: بلدٌ (٤) حرامُ وشهرٌ حرامٌ.

الأحكام:

وفيه خمس مسائل:

الأُولى (٥): قولُه: "تَحْرِيمُهَا التَّكبِيرُ" يقتضي أنَّ تكبيرةَ الإحرام جُزءٌ من أجزائها، كالقيام والرُّكوع والسُّجود، خلافًا لسعيد والزُّهريّ اللّذين يجعلانها سُنَّة، ويقولان: الإحرامُ يكون بالنِّيَة، وقد قال النبيُّ عليه السّلام: "الأعمالُ بالنِّيات" (٦)، والصّلاةُ أصلُ الأعمالِ، والتَّكبيرُ أوَّلُها، فاقتضى ذلك كونها منها بعد النِّية.

المسألة الثّانية (٧):

قوله: "التكبِيرُ" يقتضي اختصاص إحرام الصّلاة بالتَّكبير، دونَ غيرِه من صفات تعظيم اللهِ وجَلاَلِه، وهو تخصيصٌ لعُمومِ قوله: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (٨). فَخُصَّ التَّكبيرُ بالسُّنَّة من الذِّكر المُطْلَقِ في القرآن، لا سيّما وقد اتّصل في ذلك فِعْلُه بقَوْلِهِ، فكان يكبِّر صلّى الله عليه وسلّم ويقول: "الله أكبر".

وقال أبو حنيفة: يجوز بكلِّ لفظ فيه تعظيم الله، لعموم القرآن (٩)، وقد بيَّنِّا أنّه


(١) انظره في العارضة: ١/ ١٧.
(٢) في النسخ "مجاز" والمثبت من العارضة.
(٣) م: "أنّ يفعَلَ فيها شيئًا".
(٤) في النسخ: "هذا" والمثبت من العارضة.
(٥) انظرها في العارضة: ١/ ١٧.
(٦) رواه البخاريّ (١) من حديث عمر بن الخطّاب.
(٧) انظرها في العارضة: ١/ ١٧.
(٨) الأعلى: ١٥.
(٩) انظر كتاب الأصل: ١/ ١٤، ومختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٥٨، والمبسوط: ١/ ٣٥ - ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>