للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّرجمةُ (١):

قال شيخُنا الإمام: إنمّا أدخله مالكٌ حُجَّةً في تعيِينِ الفاتحةِ في الصّلاةِ؛ لأنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال لأبيٍّ بن كعبِ: "كيفَ تقرأُ إذا افتتحتَ الصّلاة؟ " فقال: الحمد لله ربّ العالمين، فعيَّنَها قولًا وفعلًا وبيانًا وتنبيهًا (٢). وفيها أيضًا: الحُجَّة القاطعة في إسقاط بسم الله الرحمن الرّحيم، وأنهّا ليست بآية، لمَا أقَرَّهُ النَّبيّ -عليه السّلام- على ذلك.

وفيه نُكتَهٌ بديعة في إسقاط التعوُّذِ، خلافًا لمن يقول: يتعوَّذُ لأنّه يستغنِي عن الاستعاذة عند تكبيرة الإحرام؛ لأنّ الشيطان حينئذٍ يدبرُ عنه من أجل الإقامة ثمّ يرجع بعد ذلك.

وقوله (٣): "باب ما جاء في أمِّ القرآن" فيه كلامٌ لأهل العربيّة.

العربية:

قوله: "أمِّ القرآن" فكلُّ شيءٍ يضمُّ إليه ما يليه فهو أمٌّ منه: امِّ الرّأس للدِّماغ، وأمُّ الطّريق (٤) لوسطها، وأمُّ القُرَى هي مكّة، وأمّ الرُّمح أَعْلاَهُ؛ لانّه مقدّمه وما بعده مضموم إليه. وسُمَّيت أمّ القرآن لأنّه ليس فيها زائد على ما تَضَمَّنَه البيان لمُجْمَلِهَا (٥).

الأصول (٦):

أمّا قوله: "مَا أَنزلَ في التَّوْرَاة والأنْجِيلِ والقُرآنِ مثلَها" وذكر "الفُرْقَان" أيضًا وسكت عن سائر الكُتُب والزَّبُور والصُّحف؛ لأنّ هذه أفضلها، وإذا كان الشّيءُ أفضل الأفضل، كان أفضل الكلّ (٧)، كقولك: زيدٌ أفضل العلماء، فهو أفضل النّاس. وفَضلُهَا يكون على غيرها بوجوهٍ:

الوجهُ الأوّل: أنّ الشَّيءَ قد يشرُفُ بذاته كشَرَفِ الله على مخلوقاته، وليس هذا


(١) انظر الفقرة الأولى من هذه الترجمة في القبس: ١/ ٢٢٩ - ٢٣٠.
(٢) م: "وتبيينًا".
(٣) أي قول مالك في الموطَّأ: ١/ ١٣٤، الباب (٤٨).
(٤) كلمة في الأصول لم نستطع قراءتها، وهي أقرب ما تكون إلى: ما أثبتناه، وهو المعروف عند أهل اللُّغة، انظر المخصص لابن سيده: ١٣/ ١٨٥، والمحيط في اللُّغة لابن عبّاد: ١٠/ ٤٥٩.
(٥) توسع المؤلِّف في الكلام على هذه التسمية في معرفة قانون التّأويل: ١٦/ ب [نسخة الأوسكريال].
(٦) انظر كلامه في الأصول في القبس: ١/ ٢٣٠ - ١٣٤.
(٧) في النسخ: "كان النّبيّ أفضل كان أفضل الكلام" وهو تضعيف، والمثبت من القبس.

<<  <  ج: ص:  >  >>