للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثّانية (١):

قولُه: "يقولُ اللهُ: حَمِدَنِي عبْدِي" أي أّثْنَى عليَّ. فالثّناءُ حَمْدٌ وتمجيدٌ (٢)، وكلُّ واحد منهما يُعَبَّر به عن صاحبه (٣)، ولكن خصَّ كلَّ واحدٍ بمعناه الأخصّ، فخصيصةُ الحَمْدِ التّحميدُ، هُوَ هُوَ، وهو أعمُّ صفاتِ الثّناءِ؛ لأنّه يتضمّن الثّناءَ بما هو المُثْنَى عليه في ذاته، وما صدر من فعله (٤)، والثناءُ هو ذِكْرُ محاسِنِ أفعاله. والتّمجيدُ (٥) هو الإخبار عن صفاتٍ (٦) فيها العُلُوُّ والعَظَمَةُ؛ لأنّ المَجْدَ (٧) نهايةُ الشَرَفِ، ولله الأسماء الحسنى، والصِّفات العُلَى، والأفعال الّتي لا تُدَانَى، فهو المحمودُ، ومنه إفاضة النِّعمة ابتداءَ، وإقالة العَثرة، وحُسْنِ التَّدارُكِ بعد الزَّلَّةِ. وذلك (٨) كلّه مصدره الرّحمَة، وله أنّ يهلك الخَلْقَ بأجمعهم، وأن يُحْسِنَ إليهم كلّهم، ولا يَخَافُ عاقبةً (٩)، ولا يرجوا عِوَضًا، فهو المالِكُ حَقًّا، وخصَّ يوم الدِّين لعظيم الأفعال الّتي فيه، ومَنْ مَلَكَ الأعظمَ والنّهايةَ فقد مَلَكَ الأقَلَّ والبدايةَ. والتسليم بالكُلِّ والتّفويض؛ لأنّه إنّ أعان العبدَ عَبَدَهُ، وإن خَذَلَهُ جَحَدَهُ (١٠).

مزيد إيضاح:

فإن قيل: وهل يكون الحمد غير الثّنَاء، أو هو عين الثّنَاء؟

الجواب: قلنا: لعلمائنا فيه خمسة أقوال:

قيل: إنّ الحمدَ هو الشُّكر، فالمعنَى: الحمدُ لله، أي الشّكر لله، فالحمدُ والشّكرُ مترادفان.

القول الثّاني: أنّ الحمدَ هو الخَبَرُ عن الشّيء بما فيه من صفات حَسَنَةٍ، والشّكرُ هو الخبرُ عنه بما هو من أفعاله.


(١) انظرها في القبس: ١/ ٢٣٤ - ٢٣٥.
(٢) م، غ: "تحميد".
(٣) غ، جـ: "يعرب عن صاحبه"، جـ، م: "يقرب عن صاحبه" والمثبت من القبس.
(٤) م، غ: "وبما ضارعه من فعله"، جـ: "وبما صار من فعله"والمثبت من القبس.
(٥) في النسخ: "والتحميد" والمثبت من القبس.
(٦) ع، جـ: "صفاته"، وفي القبس: "صافته الّتي".
(٧) في النسخ: "التحميد" والمثبت من القبس.
(٨) جـ: "وهذا".
(٩) م، ع: "ولا يخاف عاقبتها", جـ: "ولا يخالف عاقبته" والمثبت من القبس.
(١٠) في النسخ: "عجزه" والمثبت من القبس.

<<  <  ج: ص:  >  >>