للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصار كالإجماعِ عنده؛ لأنّه قاله بحَضْرَةِ الصَّحابة وهو يخطُبُ، فلم ينكر عليه، فهو كالإجماع وشِبْهِهِ لا خفاءَ به. كما قال العالِمُ: ما جَهَرَ النَّبِيُّ -عليه السّلام- فيه جَهَرْنَا، وما أسرَّ فيه أَسْرَرْنَا.

العربية:

قولُه (١): "التحِياتُ لِلهِ الزَّاكِيَاتُ الطَّيِّبَاتُ" نَعْتٌ بعدَ نَعْتٍ.

قوله: "الزَّاكِيَاتُ" يعني: النّاميات الّتي ليست بناقصة. و"الطَّيِّبَاتُ": ليست بخبيثة. و"الصّلوات": الرَّحَمَات، وهي أيضًا نعتٌ لما تقدَّمَ.

وقيل له: "تَشَهُّد" لقول القائل فيه: أشهد أنّ لا إله إلَّا اللهُ، وأشهدُ أنّ محمّدًا عبدُ الله ورسوله.

التفسير (٢):

قوله: "التَّحِيَّاتُ" هي المُلْكُ، وهي البقاء، وهي السّلام، والكلُّ لله.

أمّا "البقاء" فهو صِفَةٌ لله واجبةٌ (٣).

وأمّا "المُلْك" فهو بيده يصرِّفه كيف يشاء (٤).

وأمّا "السّلام" (٥) فهو له شَرْعٌ ودِينٌ، فإن جُعِلَ لغيره فذلك خلاف الشّرع. وما كان من قبيل المشروعات فهو لله سبحانه أمرٌ ورِضا، وما وقع على غير طريق الشّرع فهو لله تقديرٌ وقَضَاءٌ، فلا يخرج شيءٌ عنه، بلِ الكُلُّ له وإليه.

والمرادُ بالتَّحِيَّة هنا -من جملة أقسامها- السّلام؛ لأنّه موضوعه وسببه، على ما تقدَّمَ في حديث عبد الله بن مسعود.

وأمّا "الزَّاكِيَاتُ" فالمراد بها: كلُّ عمَلٍ صالحٍ نَامٍ يضاعف عليه الأجر، وينمّى فيه الثّواب، وكلُّ عمَلٍ أيضًا ممحوق (٦)، فهو لله تقديرٌ وخَلْقٌ، إلَّا أنّه تبارك وتعالى


(١) أي قول عمر بن الخطّاب في حديث الموطَّأ (٢٤٠) رواية يحيى.
(٢) انظره في القش: ١/ ٢٤٠ - ٢٤١.
(٣) للتوسع انظر الأمد الأتصى للمؤلِّف: ٥٤/ أ.
(٤) للتوسع انظر الأمد الأقصى: ٢٥/ أ - ٢٨ جـ.
(٥) انظر المصدر السابق: ٣١/ أ.
(٦) في النسخ: "مخلوق" والمثبت من القبس.

<<  <  ج: ص:  >  >>