للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام الحافظ (١): وفي رفع المأموم وخَفْضِه مع الإمام ثلاث صفاتٍ:

إحداها: أنّ يخفض ويرفع بعده، وهذه هي السنّة، والأصلُ في ذلك قولُه: "إنَّما جُعِلَ الإمَامُ ليُؤْتَمَّ بِهِ" الحديث (٢).

والثّانية: أن يخفضَ ويرفع معه، فهذا يكرهه ولكنّه لا تبْطُلُ صلاته.

والثّالثة: أن يخفضَ ويرفعَ قبل الإمام، وذلك غير جائز، لما رُوِيَ عن أنس؛ أنّه قال: صلّى بنا رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - ذات يوم، فلمّا قضى صلاته، أقيل علينا بوجهه، فقال: "أيها النّاس إنّىِ إِمَامُكُم، فلا تَسبقُوني بالرُّكُوع، ولاَ بالقيَام، ولا بِالانْصِرَافِ" (٣).

وفي ذلك أربع مسائل:

المسألة الأولى (٤):

قال (٥): فإن رفعَ رأسَهُ قبل الإمام ساهيًا، فلا يخلو أنّ يرفعَ رأسه من الرّكوع قبل ركوع إمامه، أو بعد ركوعه. فإن رفع رأسه قبل ركوعه، فعليه الرّجوع لاتِّباع إمامه إنّ أدرك ذلك، وحُكمُه حكم النّاعِسِ والغَافِلِ يفُوتُه الإمام بركعةٍ فيتبعه ما لم يفت.

فإن رفع رأسه بعد ركوع إمامه، فلا يخلو من أحد حالتين:

١ - إحداهما: أنّ يكون قد تبع الإمام في مقدار الفَرْضِ.

٢ - أو رفع قبل ذلك.

فإن رفعَ قبلَ ذلك، فحُكمُه عندي حكم من رفع قبل ركوع الإمام.

وإن كان قد تبع الإمام في مقدار الفَرْضِ، فركُوعُه صحيحٌ؛ لأنّه قد اتّبع إمامه في فَرضِهِ.


(١) الكلامُ موصولٌ للإمام الباجي.
(٢) أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (٢٤٦) رواية يحيى.
(٣) رواه مسلم (٤٢٦).
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ١٧١.
(٥) الكلام موصول للإمام الباجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>