للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضيلة (١) لا يسجد فيها (٢).

المسألة الثّانية:

قال مالكٌ وابنُ القاسم: إنّ مَنْ سلَّم من اثنتين، وفعل (٣) كما فعل النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - يوم ذِي اليَدَينِ، تَمَّتْ صلاتُه.

وقال ابن كنانة ووافَقَهُ أبو حنيفة: إنّه لا يصحّ ذلك؛ لأنّ زمان الرّسول عليه السّلام يصحّ فيه النَّسخ بخلاف هذا الزّمان.

وقال داود: لا يجوز هذا اليوم إلَّا فيمن سَلَّم من ركعتين (٤)، فقاس على هذه الصّلاة مع إنكاره القياس.

ووجه قول ابن كنانة في أنّه لا يجوز إلَّا في ذلك الزّمن: أنّ هذا إنّما كان بعد أنّ جاء مشركو قريش أو العرب فسلَّمُوا عليه وهو في الصّلاة، فلم يردّ حتّى سَلَّمَ، وقال: "إنّ اللهَ يُحْدثُ مِن أمْرِهِ ما شَاءَ" (٥) يريد: أنّ الله قد حرَّمَ علينا الكلام في الصّلاة، وكانت قصّة ذي اليدين في الصّلاة بعد ذلك.

ووجه قول ابن القاسم: أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - فَعَلَ ذلك وجرى حكمه، فمن ادَّعى غيره فعليه الدّليل.

المسألة الثّالثة (٦):

اتّفق العلماء أنّها كانت صلاة رُبَاعيّة، واختلفوا في تعيينها، فالصّحيحُ أنّها العصر، وكانت في المسجد، وذلك يقتضي الحَضر. فقال له ذو اليدين -واسمه الخرباق-: "أَقَصَرْتَ الصَّلاةَ أَمْ نَسِيتَ؟ " إنكارًا لفعله، مع أنَّه يشرِّعُ الشَّرائع وعنه تُؤْخَذُ، إلَّا أنَّه جَوَّزَ عليه النِّسيانَ لقوله: "أَوْ نَسِيتَ" وجوَّزَ أنّ يكون حَدَثَ فيها تقصيرٌ، فطُلِبَ منه بيان ذلك، فقال النَّبِيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "أَصَدَقَ ذُو اليَدَينِ" فرجع إلى اليقين.


(١) جـ: "هبة"
(٢) قوله: "وإن كانت ... إلخ " ساقطة من: م.
(٣) م: "وبعدُ".
(٤) انظر رسالة في مسائل الإمام داود للشطّي: ١١.
(٥) أخرجه عبد الرزاق (٣٥٩٤)، والحميدي (٩٤)، أحمد: ١/ ٤٣٥، وأبو داود (٩٢٤)، والنّسائي في الكبرى (٥٥٩)، وأبو يعلى (٥١٨٩)، وابن حبّان (٣٢٢٣)، والطبراني في الكبير (١٠١٢٣)، والبيهقي في سننه: ١/ ١٩٩.
(٦) هذه المسألة مقتبسة بتصرُّف من المنتقى: ١/ ١٧٢ - ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>