للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتَحَدَّى (١) بها، فحنين (٢) الجِذْع اليابسِ وأنينه أغرب من اخْضرَارِهِ وإثماره؛ فإن الإثمار يكون فيه بطبعه (٣)، والحنين والأنين لا يكون في جِنْسِهِ (٤) بحالٍ، وإنّما حَنَّت على فَقدِ ما كانت تأْنَس بِه من الذِكْرِ وَخُصَّتْ به من الشَّرَفِ وَالبَرَكَةِ.

المسألة الثامنة (٥):

قال علماؤنا: القَصدُ من الخُطْبة الإسماع (٦)، وذلك يكون بالعُلُوِّ على المكان الّذي يكون منه السّماع عادةً، ولأجل هذا جُعِلَ الأذانُ على موضعٍ مُرتَفعٍ ليكون أسمع، وجُعِلَ موضع الخُطْبَة دُونَه لمن اجتمع. ولو خطب على الأَرض جازَ عند جماعة العلماء، كما كان النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - يفعل قبل أنّ يتَّخِذَ المِنْبَرَ.

قال الإمام: والعُلُوُّ على ارتفاع أعوادٍ (٧) للخُطْبَة أفضلُ؛ لأنّه أسمع.

المسألة التّاسعة (٨):

قال علماؤنا (٩): إذا كان الخَليفَةُ هو الّذي يخطُبُ، فسُنَّتُه أنّ يجلسَ على المِنْبَرِ. وإذا خطَبَ غير الخليفة (١٠)، قام إنّ شاء على المِنْبَرِ، وإن شاء على الأرض. وكان أبو بكر الصّديق ينزلُ في المِنبَرِ درجةً من مقامِ رسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم -، ولم ير نفسه أهلًا لمَوضع النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، وكذلك فعلَ عمر نزل بعد أَبى بكر درجةً أُخرَى تَوَاضُعًا منه أيضًا.

المسألةُ العاشرة (١١):

قال علماؤنا: لا تُجْزِىء الخُطبةُ عندنا إلَّا قائمًا، لفعلِ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - قال أنس: كان


(١) في العارضة: "يتحدّى، أو لوليٍّ بكرمه يكرمه بذلك المَوْلَى".
(٢) م: "يتحدى بها، منها حنين"، غ: "يتحدى فيها، فحنين".
(٣) غ، جـ: "بصنعة"، العارضة: "بصفة".
(٤) م، غ: "خشبة"، جـ؛ "حيته" والمثبت من العارضة.
(٥) انظرها في العارضة: ٢/ ٢٩٣ - ٢٩٤.
(٦) في العارضة: "الاستماع".
(٧) في العارضة: "والعُلُوُّ على درج أو عود".
(٨) هذه المسألة مقتبسة من شرح ابن بطّال: ٣/ ٦٥٠ - ٥٠٧.
(٩) المقصود هو الإمام ابن بطّال.
(١٠) غ، جـ "الإمام".
(١١) ما عدا الفقرة الأولى ورد في العارضة: ٢/ ٢٩٥ - ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>